للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا}؛ أي: مصبوبًا، وعنى به السَّائلَ، فلا يَحرم الدَّمُ الذي في اللَّحم، ولا الكبد، ولا الطِّحال.

وقوله تعالى: {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ}؛ أي: نجسٌ، والهاءُ تَرجِعُ إلى الخنزير، فدلَّ على أنَّه نَجِسُ العين.

وقوله تعالى: {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}؛ أي: مفسوقًا به، وهو المذبوحُ للصَّنم (١).

وقوله تعالى: {عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} دليلٌ على أنَّ المحرَّمَ من الميتةِ أكلُها، فلا يَحرُمُ شعرُها وعظمُها وقرنُها، والجلدُ قبل الدِّباغِ يَحرمُ؛ لأنَّه قد يُشوى فيؤكل، فإذا دُبغ خرج عن الأكل، وجاز الانتفاعُ به.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: تعلق بِشْرٌ بظاهرِه، ولم يُحرِّم شيئًا سوى ما ذُكِر في هذه الآية، وقال في نهيِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن كلِّ ذي نابِ مِن السِّباع، وكلِّ ذي مخلبٍ مِن الطير (٢): إنَّه خبرُ الواحد، فلا يُترَكُ به النصُّ، ولكنَّا نقولُ: الآيةُ في إخبارِه أنَّه لا يَجِدُ فيما أُوحيَ إليه يومَ قال إلَّا ذلك، ثمَّ ثبتَ حرمةُ أشياءَ بالقرآن، وحرمةُ أشياء بقول النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا الخبرُ مشهورٌ، تلقَّتهُ العلماءُ بالقَبول، فجازَ به الزِّيادةُ على النَّصِّ (٣).

وقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ}؛ أي: اضطرَّ إلى شيءٍ مِن هذه المحرَّمات {غَيْرَ بَاغٍ} بمجاوزة قدرِ الحاجة، {وَلَا عَادٍ} بالتَّزوُّد، وقد بيَّنَّا فيه أقاويل أُخرَ في سورة البقرة (٤).


(١) في (ر): "لأجل الصنم" بدل: "للصنم".
(٢) رواه مسلم في "صحيحه" (١٩٣٤) من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٤/ ٢٩٣ - ٢٩٨).
(٤) عند تفسير الآية (١٧٣).