للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد زال البأسُ، فمِن البعيدِ أنْ يُدعَو إلى الإيمانِ والطَّاعات، ثمَّ إذا أتَوا بها لا تقبل، لكنْ (١) معناه أنَّهم لا يُثابون عليها؛ لأنَّ الثَّوابَ بالوعد، ولا وعدَ في هذه الحالة (٢).

وقوله تعالى: {قُلِ انْتَظِرُوا}؛ أي: إحدى هذه الثَّلاث، وليس هذا أمرَ تكليفٍ، بل هو تعريفٌ أنَّ العذابَ نازلٌ بهم كالمنتظَر له.

وقوله تعالى: {إِنَّا مُنْتَظِرُونَ}؛ أي: مستيقنون أنَّه نازلٌ بكم.

* * *

(١٥٩) - {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}.

وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ} قرأ حمزة والكسائي: {فارقوا} بالألف؛ أي: بايَنوهُ وزايلوه، وقرأ الباقون: {فَرَّقُوا} (٣)؛ أي: شتَّتوا.

وقوله تعالى: {وَكَانُوا شِيَعًا} جمع شيعة، وهي الفرقةُ المتابعةُ بعضُها بعضًا، وقد شايعَهُ؛ أي: تابعَه، وشيَّعهُ؛ أي: اتَّبعَه.

وقال قتادة: هم اليهود (٤).

وقال مقاتلٌ والسُّدِّيُّ: هم اليهودُ والنَّصارى، تَرَكوا دينَهم وكانوا فرقًا، قال تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: ٤]، وقال {وَمَا


(١) لفظ: "لكن" ليس في (ف).
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٣٢٦ - ٣٢٩).
(٣) انظر: "السبعة" (ص: ٢٧٤)، و"التيسير" (ص: ١٠٨).
(٤) رواه ابن أبي حاتم (٥/ ١٤٣٠) (٨١٥٥).
وروى عبد الرزاق في "تفسيره" (٨٧٦)، والطبري في "تفسيره" (١٠/ ٣١ - ٣٢)، وابن أبي حاتم (٥/ ١٤٣٠) (٨١٥٤) عن قتادة أيضًا أنه قال: هم اليهود والنصارى.