للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال: {هَلْ يَنْظُرُونَ}؛ أي: ما ينظرون (١) إلَّا أنْ تأتيَهم الملائكةُ لقبضِ أرواحِهم، مع اللَّعنِ والسخطِ، فحينئذٍ يؤمنون.

قال: وقيل: أي: {تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ} يوم القيامة، كما قال: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ} [الفرقان: ٢٢]، {أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ}؛ أي: عذابُ ربِّك.

قال: والأصلُ فيه أنَّ ما أُضيفَ إلى اللَّه تعالى في موضعِ الوعيد، لا يُرادُ به الذَّات، لكن يُرادُ به نقمتُه وعذابُه، كما قال: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: ٣٠]، وقال تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ} [الكهف: ١١٠]؛ أي: يَخافُ عذاب ربِّه، وقال: {وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِير} [آل عمران: ٢٨]، و {إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ} [المائدة: ٤٨]، {أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ}.

ويحتمل البأسَ، قال تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} [غافر: ٨٤]، ولا يَنفعُهم إيمانُهم حينئذٍ.

وقيل: هو طلوعُ الشَّمسِ من مغربها.

وقيل: خروجُ الدَّجال، وخروجُ دابَّة الأرض، وروي فيه أحاديثُ، فإن ثبتَ منها شيءٌ، فعليه الاعتماد (٢).

والإيمانُ حينئذٍ ليس بإيمانِ اختيارٍ في الحقيقة، بل هو إيمانُ دفعِ العذابِ عن أنفُسِهم، ولذلك قال: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}، وهذا كإيمانِ فرعون -لعنه اللَّه- عند الغرق، وما (٣) روي أنَّه لا تُقبلُ التَّوبة والإيمان بعد طلوعِ الشَّمس مِن مغربِها،


(١) في (ف): "ينتظرون".
(٢) سلف بعض هذه الأحاديث قريبًا، وبعضها في الصحيح.
(٣) في (ر): "وهو ما".