للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كلُّ مَن قرُب بُرَّ، ولا كلُّ مَن بُرَّ خُصَّ، ولا كلُّ مَن خُصَّ بُقِّي (١)، فكم مِن مقرَّبٍ بُعِّدَ ومختصٍّ طُرد.

ثم ذكر هاهنا الهدى والصِّراط، فأضاف (٢) الهدى إلى نفسِه في قولهِ جلَّ جلالُه: {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى} [البقرة: ١٢٠] وأضافَهُ إلى العباد في قوله تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ} [الأنعام: ٩٠]، وأضاف الصِّراط إلى نفسه في قولهِ عزَّ وعلا: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا} [الأنعام: ١٥٣] وقوله: {صِرَاطِ اللَّهِ} [الشورى: ٥٣]، وأضافهُ إلى العباد في قوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}، وكذا قال في الدِّين: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ} [آل عمران: ٨٣] ثم قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣]، وذلك (٣) لوجوهٍ:

أحدُها: أن ذلك كلَّه له (٤) شرعًا ولنا نفعًا، هو الذي شرَع ذلك وجعَل لنا نفعَ ذلك، ولأنها له ارتضاءً واختيارًا ولنا سلوكًا وائتمارًا، ولأنه أيضًا أضافه إلى نفسه قَطْعًا لعَجَب العبد ثم أضافها إلى العبد تسكينًا لقلبِ العبد، ولأنه أضافها إلى العبد تشريفًا له وتقريبًا ثم أضافها إلى نفسه قطعًا لطمع إبليسَ عنه وتخييبًا.

وهذا كما قيل: لمَّا نزل قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: ٨] قال اللَّعين (٥): إنْ لم أقدِرْ على سلب عزَّةِ اللَّه وعزَّةِ رسوله أسلُبُ عزةَ (٦)


(١) في (أ): "نقي".
(٢) في (ر) و (ف): "وأضاف".
(٣) في (ف): "وهذا".
(٤) في (ف): "للَّه".
(٥) في (أ): "الشيطان". وفي (ف): "الشيطان اللعين".
(٦) في (ف): "عز اللَّه وعز رسوله أسلب عز" وفي (ر): "عن اللَّه ورسوله أسلب عن".