للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فلا تحملَ به ولا تلدَه؟ قالوا: بيننا وبين الوقت الذي تحملُه هذا الشهرُ.

فلم يأت على فرعون شهر أشدُّ عليه منه، ذاب جسمه فيه، وغلَب كَرْبُه، فلما عِيْلَ صبرُه أدخل منجِّميه وكهَنتَه، وقال: أمَا عندكم حيلةٌ ألَّا تحملَ به أمُّه؟ قالوا: نعم، تعزل النساءَ عن الرجال، فلا يَقربُ رجل امرأته، فقال: وكيف الحيلة في ذلك؟ قالوا: مُرْ أن يُخرج منبرُك، ومُرْ مناديك فلينادِ في (١) عبيدك أن يجتمعوا إليك، فإن عبيدك لم يروك ولم ينظروا في وجهك.

قال كعب: وكان الخبيث لا يَظهر لأحدٍ منهم، وكان إذا أراد الركوب نادى مناديَه حتى يدخلوا بيوتهم، ومَن تلقَّاه في مسيره أمره أن يضع وجهَه بالأرض له.

قال وهب: فلمَّا قالت الكهنة له ذلك، قال الملك: ما (٢) جئتُموني بأمرٍ أشدَّ عليَّ منه! قالوا: إذا أخرجتَ منبرك وأبرزتَ لهم وجهك فأَحْسِنْ إليهم القولَ، وبشرهم بالخير، وافتح لهم خزائنك، وأخرج لهم من أصناف الأموال وابذُلها (٣) لهم، فإنك إذا فعلت ذلك بهم طمِعوا فيما عندك واجتمعوا إليك، حتى لا يتخلفُ منهم أحد، فقُم على المنبر وقُل لهم: إني قد رضيتُ عنكم وعرفتُ نصحكم ورفعتُ عنكم الجزية، ولذلك أبرزتُ لكم وجهي، وفتحتُ لكم بابي، وبذلتُ لكم خزائني، ورأيتكم له أهلًا مني، فاعرِفوا بذلك رضائي عنكم فأبشروا، وأخِّر ذلك إلى غروب الشمس، ثم قل: إني أحب أن تبيتوا هذه الليلةَ عندي فإذا أصبحتُم انصرفتم، فإنك إذا فعلتَ ذلك بهم أجابوك، فإذا باتوا مكانهم كنتَ حبَستهم عن إتيان النساء، فظفرتَ بحاجتك.


(١) في (ف): "فلينادي".
(٢) "الملك ما": ليس في (أ) و (ف).
(٣) في (أ) و (ف): "ثم ابذلها".