للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأخبرَهم أنه امتَنع من الطعام والشراب والنوم لذلك، فسجدوا له وقالوا: علينا تأويل ما رأيت فلا يهولنَّك شي، ولكنْ أجِّلْنا أجَلًا ننظُرْ في نَجْم هذا المولود، فأجَّلهم أربعين يومًا.

فخرجوا وصعدوا الجبل ونزعوا ثيابهم ولبسوا الشَّعر، وأكلوا خبزَ الشعير، ينامون على الرماد، يقومون بالليل ويصومون بالنهار، ويتضرعون إلى شياطينهم أن يخبروهم برؤيا الملك، فأوحى اللَّه تعالى إلى حمَلة العرش: أني خالقٌ مولودًا في بني إسرائيل، يولد في الإسكندرية، تحمل به أمُّه في ليلة الجمعة في شهر كذا، في ثلاث ساعات يذهبن من أول الليل، فانطلق به حملة العرش إلى السَّفَرة الكِرَام البَرَرة الذين يؤدُّون الكتبَ إلى الموكَّلين ببني آدم، فانطلق به الموكَّلون وهم الحفظةُ إلى سكان السماوات: أن اللَّه جلَّ جلالُه خالقٌ بشرًا في بني إسرائيل. . إلى آخر ما ذكرنا.

وكانت عفاريتُ الجنِّ والإنس يوحي بعضُهم إلى بعض زخرفَ القول غرورًا، فكان الجن يصعدون إلى السماء ويَسمعون كلام الملائكة، ويَسترِقُون السمع ويُلْقونه إلى أهل (١) الأرض على ألسنة الكهَنة، فلما سمع الجن ذلك من الملائكة هبطوا به إلى الكهنة فأخبروهم بأمر موسى كلِّه، ففشا ذلك ووصل إلى الكهنة والسحرة والمنجِّمين لتمام أربعين يومًا، فجاؤوا فرعون وقالوا: يا سيدنا قد أتينا (٢) بتأويل رؤياكَ، هو عبا من عبيدك يولَد ويعطَى (٣) ملكك، ويبدِّل دينَك، ويَقهرك ويعلوك، ويخرجك من أرضك، وإنه يولد بالإسكندرية في شهر كذا في ليلة الجمعة لثلاثِ ساعات يذهبن من أولها، قال: فما الحيلة حتى نعرف أمَّه فنقتلَها


(١) "أهل": من (ف).
(٢) في (أ) و (ف): "أتيناك".
(٣) في (ر): "يولد له يعطى" وفي (ف): "يولد ولدًا فيعطى".