للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ}: أي: يَسْتَبْقون إناثَكم ويتركونهنَّ حيَّاتٍ.

وقيل: يسترِقُّونهنَّ؛ أي: يفتِّشون في حيائهنَّ (١) -أي: فروجِهنَّ- هل بهنَّ حبَلٌ (٢).

وقوله تعالى: {وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ}: قيل: وفي هذا الإنجاءِ نعمةٌ عظيمةٌ، كما قال: {وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا} [الأنفال: ١٧].

وقيل: أي: في التَّقتيل والاستحياء محنة عظيمة، واسم البلاء يقع على كلِّ واحدٍ منهما، لأنه من الابتلاء وهو الاختبار، وهو يقع بكلِّ (٣) واحد منهما، وقد ذكرنا قصةَ ذبح الأبناء واستحياءِ البنات في سورة البقرة، وهذا حديثٌ آخرُ طويل فيه.

قال وهبٌ: رأى فرعونُ في المنام أنَّ اللَّه تعالى واهبٌ لعبدٍ من عبيدك غلامًا يسلبُك مُلكَك، ويُخرجك من أرضك، ويبدِّل عليك نعمتك، ثم (٤) يغرقُك اللَّه وجنودَك حتى تكون للخلائق حديثًا، فلما استيقظ عظُمت عليه رؤياه، فأخبر عظماء الذين حوله، فبكَوا بكاء شديدًا وقالوا: سيدَنا! حُلُمٌ باطلٌ، عشتَ دهرًا طويلًا ولا ينالُكَ عدوٌّ ولا ينالك همٌّ، فأرسِلْ إلى كهَنتك ومنجِّميك فاخْلُ بهم وعِدْهم الخيرَ من نفسكَ، ثم قُصَّ رؤياك هذه لهم فيخبروك بتأويلها.

وكان لفرعون ألفُ كاهنٍ وألفُ منجِّمٍ وألفُ ساحر، لا يموت منهم أحد (٥) إلا استَبدل مكانه غيرَه، فأرسل إليهم وخلا بهم ووعدهم الخير ثم قصَّ عليهم رؤياه،


(١) في (أ): "أحيتهن"، وفي "ف": "أحيائهن".
(٢) في (أ) و (ف): "حمل".
(٣) في (ف): "على كل".
(٤) في (ف): "و".
(٥) في (أ): "لا يموت أحدهم".