للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: بل ادَّعَوا عند اللَّه على موسى أنه قتل هارون.

وقيل: بل كانوا من عبَدة العجل، وموسى لم يعلم بذلك.

وقيل: لم يكونوا عبدوا العجل، ولكنهم لم يفارقوهم (١) ولم ينكروا عليهم.

وفي حديث وهب خلافُ هذا كلِّه، وأنَّ أَخْذ الرجفة لم يكن عقوبةً بل هيبةً، وهم خيارٌ ليسوا بجُناة.

قال وهب: إن بني إسرائيل قالوا لموسى عليه السلام: إن طائفة يزعمون أن اللَّه تعالى لا يكلِّمك، ولو كلَّمك ما قمتَ لكلامه، ألم ترَ أن طائفة منا سألوه النظر إليه فلمَّا سمعوا حسَّ جنوده ماتوا، أفلا تسأله أن يُحضركَ طائفةً منا حتى يكلِّمك فيسمعوا كلامه فيؤمنوا وتذهبَ التُّهمة، فأوحى اللَّه تعالى إلى موسى: أن اختَرْ من خيارهم سبعين، ثم ارْتَقِ بهم إلى الجبل أنت وهارونُ، واستخلِفْ على بني إسرائيل يوشعَ، فاستخلَف عليهم كما أمره اللَّه تعالى.

ثم انطلق بهم إلى رأس الجبل، فنزل الغمام (٢) فأَلبس الجبل كلَّه، فلمَّا رأوا ما فيه من الهيبة أخذتهم الرعدة (٣) وقَلِقوا ورجَفوا حتى كادت تَبينُ منهم مفاصلُهم وتُنقَضُ ظهورهم، فلما رأى ذلك موسى صلوات اللَّه عليه رَحِمَهم وهم يومئذٍ أحياءٌ، فدعا اللَّهَ لهم وقال: {رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ} وخاف عليهم الموتَ، واشتدَّ عليه فَقْدُهم، وكانوا له وزراءَ على الخير سامعين مطيعين، فعند ذلك قال: {أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا} فكشف اللَّه عنهم تلك الرجفةَ والرعدةَ، فسكَنوا واطمأنُّوا وسمعوا كلام اللَّه تعالى موسى، وكانوا عليه شهداء وانصرفوا (٤).


(١) في (ف): "يوافقوهم".
(٢) "الغمام": ليس في (أ).
(٣) في (ر): "الرجفة".
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٤/ ٢٨٨ - ٢٨٩).