للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تعالى ذلك من دعائهم فأخذتهم الرجفة (١)، فقال موسى: {لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ} الآية (٢).

وقيل في قوله: {لِمِيقَاتِنَا} في هذه الآية: إن اللَّه تعالى وقَّت لموسى وقتًا يأتيه فيه بسبعين رجلًا من خيَار بني إسرائيل ليَعتذروا مما كان من القوم من عبادة العجل، وهذا في (٣) غير الميقات المذكور في قوله: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا} [الأعراف: ١٤٣]، فلمَّا خرج موسى معهم وكانوا في أسفل الجبل كان ما ذُكر في هذه الآية، وهو قوله تعالى:

{فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ}: أي: زلزلةُ الجبل، وقيل: زلزلةُ أبدانهم فماتوا.

ثم ليس في هذه الآية بيانُ سببها، واختُلف فيه:

قيل: هو بقولهم: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ} [البقرة: ٥٥] وهي نارٌ محرِقةٌ فيها صوت فرجَفوا بصوتها، فالصاعقةُ والرَّجفة واحدةٌ، وإنما أُحرقوا (٤) بها لكفرهم بقولهم: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} لا بسؤالِ الرؤية، أو بسؤال الرؤية جهرًا (٥)؛ أي: مقابَلة، وهي تشبيهٌ وهو كفر، فأما أصل الرؤية فهو ثابت وليس فيه مقابَلة.

وقيل: أخذتهم الرجفة بسؤالهم ما لم يؤذَنْ لهم فيه (٦)، وهو ما رَوينا في حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما: أعطنا ما لم تعطه أحدًا قبلنا، ولا تعطه أحدًا بعدنا.


(١) في (ر): "الصاعقة".
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٤/ ٢٨٩).
(٣) "في": من (أ).
(٤) في (أ): "احترقوا".
(٥) في (أ): "جهرة" وليس فيها: "أو بسؤال الرؤية".
(٦) في (ف): "به".