للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يَعْدِلُونَ} وهم يعملون بالحق والعدل أيضًا؛ أي: وأمة منهم على خلافِ ذلك، وهو تسليةٌ للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في إجابة البعض دون البعض؛ أي: قوم موسى كانوا كذلك.

واختُلف في هؤلاء مَن هم:

قيل: هم الذين كانوا متَّبِعين لموسى عليه السلام في زمانه.

وقيل: هم قوم منهم كانوا على الحقِّ في عصر محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقيل: هم قومٌ باقون على الحقِّ إلى يوم القيامة.

وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما والكلبيُّ والسدِّيُّ: هم خلفَ الصين (١).


(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٠/ ٥٠١) من طريق ابن جريج عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، وإسناده منقطع. وذكره الثعلبي في "تفسيره" (٤/ ٢٩٤)، والواحدي في "البسيط" (٩/ ٤٠٣)، عن ابن جريج والكلبي والربيع والضحاك وعطاء والسدي. وليس في الأخبار الواردة في هذه الحكاية ما يصح، قال الآلوسي في "روح المعاني" (٩/ ٤١٤): وضعَّف هذه الحكاية ابن الخازن [في "تفسيره" (٢/ ٣٠٠)] وأنا لا أراها شيئًا، ولا أظنك تجد لها سندًا يعول عليه ولو ابتغيت نفقًا في الأرض أو سلمًا في السماء. اهـ. قلت: يعرِّض بما جاء في بعض الأخبار: أن اللَّه تعالى فتح لهم نفقًا في الأرض فساروا فيه حتى خرجوا من وراء الصين.
وقال أبو شهبة في "الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير" (ص: ٢٠٧ - ٢٠٨) عن قصة الصين هذه: وهي من خرافات بني إسرائيل ولا محالة. . . ونحن لا نشك في أن ابن جريج وغيره ممن رووا ذلك إنما أخذوه عن أهل الكتاب الذين أسلموا، ولا يمكن أبدًا أن يكون متلقًّى عن المعصوم -صلى اللَّه عليه وسلم-. . .
قال: والذي يترجح عندي أن المراد بهم أناس من قوم موسى عليه الصلاة والسلام اهتدوا إلى الحق ودعوا الناس إليه، وبالحق يعدلون فيما يعرض لهم من الأحكام والقضايا، وأن هؤلاء الناس وجدوا في عهد موسى وبعده، بل وفي عهد نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- كعبد اللَّه بن سلام وأضرابه. . . أما ما ذكروه فليس هناك ما يشهد له من عقل، ولا نقل صحيح، بل هو يخالف الواقع الملموس، والمشاهد المتيقن، =