للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ}: يقال: أَسْبَتَ: إذا دخل في يوم السبت، وسَبَت؛ أي: أقام السبتَ وعَمِل فيه ما يَعمل في السبت، وعلى المقابلة بقوله: {وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ} يكون قوله: {يَوْمَ سَبْتِهِمْ} مصدرًا ليكون مقابَلةُ الفعل بتركِ الفعل، وظاهرُه أنه اسم للوقت في الأول.

وقوله تعالى: {كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}: أي: كانت لا تظهر لهم في غير يوم السبت، وكانوا يحتاجون إلى استخراجها عن مكامنها ومغائصها بالحيَل.

{كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ} مستقبلٌ بمعنى الماضي؛ أي: امتحنَّاهم به تغليظًا للمحنة عليهم بفسقهم ومجاهَرتهم بالمعاصي عقوبةً لهم.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: ابتلاهم بهذا النهي ليُريَ الخَلْقَ المطيعَ منهم والعاصيَ.

قال: وقال قائلون: ابتلاهم بذلك لما كانوا يفسقون في السرِّ؛ ليكون فسقهم وتعدِّيهم ظاهرًا عند الخلق كما كان (١) عند اللَّه تعالى؛ لئلا يقولوا عند التعذيب: إنهم عذِّبوا بلا ظلم ولا تعدٍّ.

وقد بينَّا القصة في سورة البقرة: أنها كانت في زمنِ داودَ عليه السلام في أرضٍ يقال لها: أيلة، مجاورةِ البحرِ بين المدينة والشام.

وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما في رواية: كانت بين مدين والطور (٢).

فكانت الحيتان تظهر على وجه الماء يومَ السبت ولا تظهرُ في غيره، وقد نُهوا عن الاصطياد فيه ابتلاءً حيث اختاروا السبتَ وتركوا يومَ (٣) الجمعة، فمكثوا ما شاء اللَّه


(١) "كان": ليست في (أ).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٠/ ٥٠٧).
(٣) "يوم": ليست في (ف).