للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تعالى، ثم إن رجلًا منهم أخذ حوتًا فخرَمه بخيطٍ ثم شدَّه إلى وتدٍ بالساحل وربطه وتركه في الماء، فلما كان الغداةُ أخذه فأكله سرًّا، ففعلوا مثلَ ذلك وهم ينظرون لا يتناهون إلا بقيةً منهم يَنهونهم، حتى ظهر ذلك في الأسواق وبِيع علانية.

* * *

(١٦٤) - {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}.

وقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا}: أخبر أن أمةً منهم -أي: جماعةً- وهم الصالحون وعَظوهم، فقال لهم جماعةٌ أخرى: لمَ تَعِظون هؤلاء مع إعراضهم عن القبول منكم واستخفافِهم بوعظكم، وقد أشرفوا على أن يُهلكَهم اللَّه تعالى فيَصطَلِمَهم، أو يعذِّبَهم عذابًا شديدًا غيرَ مصطَلِم، ويحتمِل: يهلكُهم في الدنيا و (١) يعذبُهم في الآخرة.

وقوله تعالى: {قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ}: قرأ عاصمٌ في رواية حفص: {مَعْذِرَةً} نصبًا وهو مفعولٌ له؛ أي: إعذارًا إلى اللَّه، وقرأ الباقون بالرفع (٢)، ومعناه: موعظتُنا معذرةٌ إلى اللَّه تعالى.

وقوله تعالى: {وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}: أي: قالوا: نكرِّر الوعظَ إعذارًا إلى اللَّه فيما يلزمُنا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتأميلًا لرجوعهم واتِّقائهم وانتهائهم.

قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: كانوا أثلاثًا: ثلثًا نَهَوا، وثلثًا قالوا: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ}، وثلثًا أصحابَ الخطيئة، فما نجا إلا الذين نَهَوا (٣).


(١) في (أ) و (ف): "أو".
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ٢٩٦)، و"التيسير" (ص: ١١٤).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٠/ ٥٢٠).