للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال السدِّي: فجعل الرجل يَحفر الحَفِيرة (١) ويجعل لها نهرًا إلى البحر، فإذا كان يومُ السبت فَتح النهر فأقبل الموج بالحيتان يضربها حتى يلقيَها في الحَفيرة فلا تطيق الخروج، فإذا كان يومُ الأحد جاؤوا وأخذوا فأكلوا وشوَوا وملَّحوا، وفشى ذلك فيهم، فقال لهم علماؤهم: أتصيدون يوم السبت (٢)؟! قالوا: إنما نصيدها يوم الأحد، فلم ينتهوا، فقال بعض الذين ينهَون لبعضٍ: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا} فأجابوا بما ذكرنا، فلما أبوا قال المسلمون: لا تُساكِنوهم في قريتهم، فقسَموا القرية بجدارٍ؛ للمسلمين بابٌ وللمعتدِين بابٌ، ولعنهم داود، فيخرج المسلمون من بابهم والمعتدُون من بابهم، فخرج المسلمون ذاتَ يوم ولم يخرج المعتدون، فلما أبطؤوا تسوَّر عليهم المسلمون الجدارَ فإذا هم قردةٌ يَثِبُ بعضُهم على بعضٍ، فذلك قوله تعالى: {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} (٣).

* * *

(١٦٥) - {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}.

قوله تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ}: أي: تركوا ما وُعظوا به تَرْكَ الناسي له، يعني: الذين أخذوا الصيد في السبت {أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ} خلَّصنا الذين كانوا ينهونهم عن هذا الفعل السوء.

وقوله تعالى: {وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} قرأ ابن كثير وأبو عمرٍو وحمزةُ والكسائي (٤): {بَئِيسٍ} على وزن فعيل؛ أي: شديد، والبأس: الشدة وكذلك البؤس.


(١) في (أ) و (ف): "الحفرة" في الموضعين.
(٢) في (ر): "لم تصيدون" وفي (ف): "لم تصيدون يوم السبت".
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٢/ ٦٣).
(٤) وهي أيضًا قراءة عاصم بخلاف عن أبي بكر، وسيأتي الوجه الآخر لأبي بكر.