للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السبت ثم غاصت فلا يقدرون عليها حتى يغوصوا عليها بعدَ كدٍّ، فكانت تأتيهم يومَ السبت شُرَّعًا بيضًا سِمانًا، فكان كذلك برهةً من الدهر، ثم إن الشيطان وَسوس إليهم فقال: إنكم نُهيتم عن أكلها في يوم السبت، فخذوها فيه وكلوها في غيره، وقالت طائفةٌ: بل نُهيتم عن أخذها وأكلها وتنفيرها في يوم السبت، وكانوا كذلك حتى جاءت الجمعة الأخرى، فقال الأيمنون: اللَّهَ اللَّهَ ويلكم لا تتعرَّضوا لعقوبة اللَّه، واعتزلت ذاتَ اليمين وسكتت، وقال الأيسرون: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا} فقال الأيمنون: {مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (١)، فإن انتَهَوا فهو (٢) أحبُّ إلينا أنْ (٣) لا يصابوا ولا يُهلكوا، وإن لم ينتهوا فقد أَعْذرنا (٤)، فمضَوا على الخطيئة، فقال الأيمنون: واللَّه ما نبايتكم (٥) الليلةَ في مدينتكم، وما نُرى أن تصبحوا حتى يصيبَكم اللَّه بخسفٍ أو قذفٍ أو ببعضِ ما عنده من العذاب، فلما أصبحوا ضَربوا الباب عليهم ونادَوهم فلم يجيبوا (٦)، فوضعوا سلَّمًا وأعلَوا سورَها رجلًا، فالتفت إليهم فقال: يا عباد اللَّه! قرود واللَّه تَعَاوى لها أذناب، ففتح الباب ودخلوا، فعرفت القرود [أنسابها من الإنس، ولا تعرف الإنسُ أنسابها من القردة، فجعلت القرود تأتي] نسيبَها من الإنس فجعلت تبكي وتشمُّ ثيابه، فيقولون: ألم ننهكم عن كذا؟ فيقولون برأسها: نعم ثم قرأ ابن عباس رضي اللَّه عنهما: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ} فأسمعُ ذكر الذين نَهَوا ولا أسمعُ ذكر الذين سكتوا،


(١) في (ر): "ينتهون"، بدل: "يتقون".
(٢) في (أ): "فإنه".
(٣) في (ر): "إذ".
(٤) في (ف): "عذرنا".
(٥) في (أ) و (ف): "لا نأتيكم".
(٦) في (أ) و (ف): "يجابوا".