وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه في قوله:{وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا}: من أمارات الاستدراج ارتكابُ الزَّلة، والاغترارُ بزمان المهلة، وحملُ تأخير العقوبة على استحقاقِ الوُصلة.
وقال في قوله:{وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ}: يعني: التعرُّضُ لنفَحات فضله سبحانه خيرٌ لمن أمَّل جودَه من مقاساةِ التعب لمن بذَل في تحصيل هواه مجهودَه.
وقال في قوله:{وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ}: التمسُّك بالكتاب إيمان، وإقامةُ الصلاة إحسانٌ، فبالإيمان وجَدوا الأمان، وبالإحسان وجدوا الرِّضوان.
ويقال: التمسُّك بالكتاب نجاةٌ، وإقامةُ الصلاة مناجاةٌ، والمناجاة في الحال والنجاةُ في المآل.
وقال في قوله تعالى:{إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ}: مَن نقَل إلى بابه قدمَه لم يُعدم في الآجل نعمَه، ومَن رفع إلى ساحات جُوده هممَه نال في الحال كرمَه (١).
وقوله تعالى:{وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ}: الآيةُ في تمرُّدهم أيضًا كالتي مضت، ومعناه: وإذ قلعْنا الجبلَ من الأصل وحرَّكناه ورفعناه فوق رؤوسهم، وقد نتَق ما في الجِراب: إذا اقتَلعه عن أصله ونثَره، ونَتَقتِ المرأةُ تَنْتُق نُتوقًا -من حدِّ دَخَل- وهي مِنْتاقٌ: إذا كثُر ولدها، وأصله: الزعزعةُ والنَّقْض، ونَتَقتِ الدابَّة صاحبَها حين تَعْدوا به؛ أي: حرَّكته ورفعَته.