للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ}: أي: علموا أنه واقع عليهم إن لم يقبَلوا ما في التوراة قاله الحسن (١). وقيل: غلَب ظنُّهم بذلك.

وقوله تعالى: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ}: أي: قُلنا لهم: اقبلوا، وذلك حين جاء موسى بالتوراة وفيها أحكامٌ شاقَّة فامتنعوا عن قبولها، ووعَظهم موسى عليه السلام فلم يقبلوا، فأمر اللَّه تعالى برفع الطور عليهم.

وقيل: هو الطورُ الذي سمع موسى وهو عليه كلامَ اللَّه تعالى وأُعطي الألواح.

وقيل: هو جبلٌ من جبال فلسطين فَرسخًا في فرسخٍ.

وقيل: هو الجبل الذي عند بيت المقدس.

وقيل لهم: إنْ قبلتُم وإلا وقع عليكم فرضَخكم، فقبلوا.

وقوله تعالى: {بِقُوَّةٍ} يدلُّ على أن قوةَ الفعل مع الفعل، فقد ذكرها مع الأخذ.

وقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}: وقد بينَّا القصة وفوائدَها مستوفاةً في سورة البقرة عند قوله عز وجل: {وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ}.

قال القشيري رحمه اللَّه: قصارى مَن أتى جبرًا أن يَنكص على عقبيه طَوعًا، كذلك أهل الكتاب لمَّا قبلوا الكتاب بإجبارِ التكليف ما لبثوا حتى قابَلوه بالتحريف (٢).

* * *

(١٧٢) - {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}.


(١) ذكره الماوردي في "النكت والعيون" (٢/ ٢٧٦).
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٥٨٤).