للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الضعف عن تبليغها- ألزمَ وأعظمَ في النفع وأبعدَ عن الشبهة من روايتها وتكلُّفِ الكشف عنها، فنسأل اللَّه العصمة عمَّا به الهلاكُ، والتوفيقَ للنُّصح بما به نجاةُ كلِّ سامع، ودفعُ كلِّ شبهةٍ وحيرةٍ، فإنه لا قوة إلا به.

ومنهم مَن ذهب في تأويل الآية إلى أن المعروف من أمرِ ذرية آدم هو الأخذُ عن الأصلاب والأرحام على ما يكون إلى يوم القيامة، وطوَّل وبيَّن على وجهٍ يتعذَّر ضبطُه على أكثر أهل العلم (١).

لكن ذكر الشيخ أبو بكر القفَّالُ الشاشيُّ رحمه اللَّه في (٢) معنى ذلك ما فهمه وحفظه، والوقوفُ على حاصله أسهلُ وأقرب، قال: ذكر اللَّه تعالى في هذه الآية والآياتِ التي قبلها أن اللَّه عز وجل بالَغ في إلزام الحجةِ وإبلاءِ العذر بما جمع لهم من دلائل السمع ودلائلِ العقل، وذكَر بعد أخذِ الميثاق على بني إسرائيل أخذَ الميثاق على الكلِّ بالعقول التي ركَّبها فيهم وأشهدَهم بها على أنفسهم بقوله {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}؛ أي: أخرجهم من أصلاب آبائهم ونقلهم إلى أرحام أمهاتهم، إلى أن بلغوا بتقليب الأحوال عليهم من نطفةٍ ثم علقةٍ ثم مضغةٍ مخلَّقةٍ وغيرِ مخلَّقةٍ إلى أن بلَّغهم إلى الحال التي يصدُحون فيها للتكليف بكمالِ عقولهم، وأَشْهَدهم بما شاهدوه (٣) من آثار الصنعة فيهم وفي غيرهم على أنفسهم (٤) أن لهم صانعًا قادرًا حكيمًا عالمًا فردًا قد ابتدأهم بالنعمة، وأن له بحكم ملكه أن يستأديَهم الشكرَ على نعمه بالطاعة فيما يأمرهم به، ثم أَتبع ذلك إرسال الرسل وإنزال الكتب


(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٨٢ - ٨٣).
(٢) في (ر): "أن"، بدل: "في".
(٣) في (ف): "شهدوه".
(٤) "أنفسهم": ليست في (أ).