للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فلما عاين عسكرَهم قامت به الأتان ووقفت فضربها، فقالت: لمَ تضربُني وهذه نار قد منعَتْني أن أمشي، فرجع فأَخبر الملك بذلك، فقال الملك: لتدعوَنَّ عليه وإلا (١) لأَصْلبنك، فدعا على موسى عليه السلام بالاسم الأعظم أن لا يدخل المدينةَ، فاستُجيب له، وبلغ ذلك موسى صلوات اللَّه عليه فدعا اللَّه تعالى أن ينزع منه الاسمَ الأعظمَ فنزعه، فذلك قولُه تعالى: {فَانْسَلَخَ مِنْهَا} (٢).

وقال وهبٌ: لمَّا نزل موسى أرضَ كنعان من الشام بين أريحا وبين أردنَّ وجبلِ البلقاء، والتيهُ بين هذه المواضع، أرسل بالق إلى بلعم بن باعوراء (٣) وكان يسكن قريةً من قرى البلقاء (٤)، فقال: إنَّا رهبنا هؤلاء القومَ لأنه قد جاز البحرَ ليُخرجنا من بلادنا ويَنزلها ببني إسرائيل، ونحن قومُك وليس لك بقاءٌ بعدنا، ولا خير لك في الحياة بعدنا، وأنت مجابُ الدعوة، فاخرج وادْعُ عليهم، فقال بلعم: ويلكم، نبيُ اللَّه معه الملائكةُ والمؤمنون! كيف أدعو عليهم وأنا أعلم من اللَّه ما أعلم؟ فلم يزالوا يترفَّقون به ويتضرَّعون إليه، وكانت له امرأةٌ أشبُّ منه وكان (٥) يحبُّها ويطيعها، فدسوا إليها هدايا فقبِلتها، ثم أتوها فقالوا لها: قد نزل بنا ما ترَين فكلِّمي بلعم في هذا، فقالت لبلعم: إن لهؤلاء القومِ حقًّا وجوارًا وحرمةً، وليس مثلُك أسلمَ جيرانَه عند الشدائد، وقد كانوا محسِنين إليك، وأنت جدير أن تكافئهم وتهتمَّ بأمرهم، فقال لها: لولا أني أعلم أن هذا الأمر من عند اللَّه لأجَبْتُهم، فقالت: انظر في أمرهم، فلم


(١) في (أ) و (ف): "أو".
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ٧٤ - ٧٥).
(٣) في (أ): "باعور".
(٤) في (ف): "بلقاء" هنا وفي الموضع السابق.
(٥) "وكان": من (ف).