للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: الكلب منقطِعُ الفؤاد فهو يلهث إن حُمل عليه أو (١) لم يُحمل عليه، كذلك مَثَلُ الذي يترك الهدى لا فؤاد له (٢).

وقال عطاء: {إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ} ينبح، وإن لم تحمل عليه فكذلك (٣).

وقال القتبي: كلُّ شيء يَلهث فإنما يَلهث من إعياءٍ أو عطش، إلا الكلب فإنه يلهث في الكَلال والراحة، والمرض والصحة، والعطش والرِّي، ضرب اللَّه مثلًا للَّذي كفر (٤) بآياته أنه ضالٌّ وُعظ أو لم يُوعظ، ونظيرُه قوله تعالى: {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ} [الأعراف: ١٩٣] (٥).

وقوله تعالى: {ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}: أي: ليتَّعظوا.

وقوله: {فَانْسَلَخَ مِنْهَا} دليلٌ على أن شقاوته كانت من جهته، وهو أنه انسلخ من الآيات، وكانت مراعاتُه إياها (٦) حافظةً له، فلمَّا ترَكها أَتْبعه الشيطانُ، وهو كاللصِّ لا يصل إلى العِير (٧) ومعهم الرعاةُ، فإذا فارَقوهم وصل إليهم اللصُّ، ولمَّا جَهِل قَدْرها واستخفَّ بها حُرمها وتغيَّرت عليه أحواله؛ قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: ١١].


(١) في (ف): "وإن".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٠/ ٥٨٦) عن ابن جريج.
(٣) انظر: "تفسير الثعلبي" (٤/ ٣٠٩).
(٤) في (ر): "مثلًا للذين كفروا".
(٥) انظر: "تأويل مشكل القرآن" (ص: ٢١٦)، و"تفسير الثعلبي" (٤/ ٣٠٩).
(٦) في (ر): "لها".
(٧) في (ف): "الغنم".