للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}: أي: المتغافلون عمَّا أَعَدَّ اللَّه لأوليائه من الثواب ولأعدائه من العقاب.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: {بَلْ هُمْ أَضَلُّ} لأنهم لا يهتدون وإنْ هُدوا، والأنعام تهتدي إذا هُديت، أو هم أضلُّ لأنهم يَضلون ويُضلون غيرَهم والأنعامُ لا تُضل غيرَها، أو لأنهم لا يُنتفَع بهم والأنعامُ يُنتفَع بها {أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}؛ أي: عن فهم ما ألقي إليهم وأُمروا به، وغافلون عما أُوعدوا (١).

وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: مَن خَلَقه اللَّه لجهنَّم متى يَستوجِبُ الجِنَانَ؟ ومَن أهَّله لسخطه أنَّى يستحق الرضوان؟ هم اليوم في جحيمِ الجحود والكفران، مقرَّنين في أصفاد الخذلان، مُلْبَسين ثيابَ (٢) الحرمان، طعامهم ضريعُ الوحشة، وشرابُهم حميمُ الفُرقة، كما فصَّل (٣) في الكتاب شرح تلك الحالة.

وقال في قوله تعالى: {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا}؛ أي: ليس لهم تمييز بين خواطر الحق وهواجس النفس ووساوس (٤) الشيطان، لا ينظرون إلا من حيث الغفلة، ولا يسمعون (٥) إلا دواعي الفتنة، ولا ينخرطون إلا في سلك ركوب الشهوة {أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} لأن الأنعام رُفع عنها التكليف فإن لم يكن لها وفاقُ الشرع فليس منها خلافُ الأمر (٦).

* * *


(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٩٨).
(٢) في (أ): "بنار"، وفي (ف): "بثياب".
(٣) في (ر): "فسر".
(٤) في (أ): "ووسواس".
(٥) في (أ): "يستمعون".
(٦) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٥٨٩ - ٥٩٠).