للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٨٠) - {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}: قال مقاتل: إن رجلًا من الصحابة دعا اللَّه في صلاته ودعا الرحمن، فقال رجل من المشركين: أليس يزعم محمد وأصحابه (١) أنهم يعبدون ربًّا واحدًا، فما بال هذا يدعو ربَّين اثنين؟! فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، فدعا النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- [الرجلَ] وقال: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} [الإسراء: ١١٠] رغمًا لأنوف المشركين، فإنك ما دعوتَ من هذه (٢) الأسماء {فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} (٣).

وقيل: {الْحُسْنَى} هي الدلالاتُ على معانيها حقيقةً، دون أسماءِ الأصنام التي هي ألقابٌ لا معانيَ لها ولا حقيقةَ.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: يحتمِل أنهم ظنوا أن في إثبات عدد الأسماء إثباتَ عدد من الذات، فأَخبر أنه ليس كذلك، فإنه تُسمَّى الحركة: حركةً، عَرَضًا، شيئًا، خَلْقًا، ولا يوجب ذلك إثباتَ عددٍ فيها.

ويحتمِل أنهم وصَفوا اللَّه تعالى بما لا يَحسُن أن يوصف به (٤)، وأضافوا إليه أشياء لا يصلُح أن تُضاف إليه، نحو قولهم: يا خالقَ الخنازير، و: يا خالق الخبائث، و: يا إلهَ القِرَدة، ونحوه، فأمرهم أن يَدْعُوه بأسمائه الحسنى التي فيها تعظيمُه، كما يقال: يا رحمن، يا رحيم، يا كريم، يا جواد، يا لطيف، يا هادي، يا مرشد، ونحو ذلك.


(١) في (ر): "أليس محمد وأصحابه يزعمون".
(٢) في (أ): "فإنك إذا دعوت من هذه"، وفي (ر): "فإنك إذا دعوته بهذه"، وفي (ف): "لأنك إذا دعوت من هذه"، والمثبت من "تفسير مقاتل".
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ٧٦ - ٧٧)، وما بين معكوفتين منه.
(٤) في (ف): "لا يحسن وصفه به"، وفي هامشها ما يوافق المثبت.