للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويحتمِل أنه أراد بها أنَّ الأسماء الحسنى للَّه لا للأصنام، فادعوا اللَّه (١) بها لا الأصنام (٢).

وقوله تعالى: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}: قرأ حمزة: {يَلْحَدون} بفتح الياء والحاء، من قولهم: لَحَد؛ أي: مال، والباقون: {يُلْحِدُونَ} بضم الياء وكسرِ الحاء من أَلْحد (٣)؛ أي: أمال (٤)، والإلحاد في أسماء اللَّه تعالى: تسميةُ الأصنام بأسمائه، كما سمَّوا اللاتَ من اللَّه، والعزى من العزيز، ومناةَ من المنَّان.

ومن الإلحاد: تحريفُ معاني أسمائه، وتغييرُها، وتفسيرُها (٥) على خلاف حقيقتها.

ومن الإلحاد فيها: تسميةُ اللَّه تعالى بما لم يَرِدْ به الشرع؛ كالجوهر والجسم والعقل والعلة وما يقوله المبطلون.

ومعنى ذرهم؛ أي: دَعْهم فلا تكافئهم بصنيعهم، ولا تُجازِهم بإيذائهم إياك، فإن اللَّه تعالى هو يجزيهم، وذلك قوله تعالى: {سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: الإلحاد هو الميلُ عن القصد، وذلك على وجهين: بالزيادة والنقصان: فأهلُ التشبيه زادوا فأَلحدوا، وأهلُ التعطيل نقَصوا فأَلحدوا، فالمشبِّهةُ وصفوه بما لم يَأذن فيه، والمعطِّلة سلَبوه ما اتَّصف به (٦).


(١) (ف): "وادعوه".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٩٨ - ٩٩).
(٣) انظر: "السبعة" (ص: ٢٩٨)، و"التيسير" (ص: ١١٤).
(٤) في (أ): "مال"، وسقطت الجملة من (ف)، والمثبت من (ر)، وكلاهما صواب.
(٥) في (ف): "على تفسيرها".
(٦) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٥٩١).