للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ}: وقال الخليل بن أحمد: أي: سنطوي عمرهم في اغترار منهم (١).

وقال الضحاك: كلما جدَّدوا لنا معصيةً جدَّدْنا لهم نعمة (٢).

وقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- "إذا رأيتَ اللَّه تعالى أنعَم على عبده وهو مقيمٌ على معصيته فاعْلم أنه مستدرج" ثم تلا هذه الآية (٣).

والاستدراج استفعالٌ من الدَّرْج؛ أي: يُدْنيه إلى الهلاك درجةً فدرجةً في كتمانٍ وخُفيَةٍ، وقد دَرَج الكتابَ؛ أي: طواه شيئًا بعد شيء، ودَرَج القوم: إذا (٤) مات بعضهم في (٥) إثر بعضٍ، ودَرَج الصبيُّ: إذا قارَبَ بين خُطاه في المشي.

وقال عطاء: نزلت الآية في المستهزِئين (٦).

وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: الاستدراج أن يُلقى في أوهامهم أنهم من أهل الوُصلة، وفي الحقيقة سبقت لهم في القسمة الفُرقة (٧).

وقيل: الاستدراج: انتشارُ الصِّيت بالخير في الخَلْق، والانطواءُ على الشرِّ في السرِّ مع الحق.


(١) انظر: "تفسير الثعلبي" (٤/ ٣١٢)، و"زاد المسير" (٣/ ٢٩٤)، و"البحر" (١٠/ ٤١٧).
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" (٤/ ٣١٢)، و"البسيط" للواحدي (٩/ ٤٨٦)، و"تفسير البغوي" (٣/ ٣٠٨)، و"زاد المسير" (٣/ ٢٩٤).
(٣) لم أجده مسندًا.
(٤) في (ف): "أي".
(٥) في (ر): "على".
(٦) ذكره دون عزو الثعلبي في "تفسيره" (٤/ ٣١٢)، والبغوي في "تفسيره" (٣/ ٣٠٨)، وعزاه الواحدي في "البسيط" (٩/ ٤٨٨) للمفسرين.
(٧) في (ر): "سبقت لهم الفرقة في القسمة"، وفي "اللطائف": (السابق لهم من القسمة حقائق الفرقة).