للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا}: أي: ولدًا سويًّا {جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} قرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكرٍ بكسر الشين (١)، ومعناه: نصيبًا؛ كما في قوله: {أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ}؛ أي: نصيب.

وقرأ الباقون: {شُرَكَاءَ} بضم الشين ومدِّ الآخِر، وهو جمع شريك.

وقوله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}: أي: تَنَزَّه اللَّه تعالى عن الشريك.

قال الكلبي: إن إبليس -لعنه اللَّه- أتى حواءَ حين أَثْقَلت (٢) في صورة رجل فقال: ما هذا الذي في بطنك؟ فقالت: ما أدري، قال: إني أخاف أن يكون بهيمةً، وذلك أولَ ما حملت، فقالت ذلك لآدم، فلم يزالا في همٍّ من ذلك، ثم عاد إليها فقال: إني من اللَّه عز وجل بمنزلةٍ، فإن دعوتِ اللَّه تعالى فولدْتِ إنسانًا أُتُسَمِّينَه بي؟ قالت: نعم، قال: فإني أدعو اللَّه تعالى، قال: فأتاها وقد ولدت غلامًا، فقال: سمِّيه باسمي، قالت: وما اسمك؟ قال: الحارث، فسمَّتْه: عبدَ الحارث (٣).


(١) أي: {شِرْكًا}. انظر: "السبعة" (ص: ٢٩٩)، و"التيسير" (ص: ١١٥).
(٢) في (ف): "انقلب" بدل: "حين أثقلت".
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٤/ ٣١٥)، والماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (٥/ ١١١ - ١١٢)، ورده الماتريدي كما سيأتي. وهذا الخبر وأمثاله مما دخل على كتب التفسير من الإسرائيليات، وقد فندها وبين حقيقتها ابن كثير في "تفسيره" عند هذه الآية، وكذا أسهب في ردها وبيان خطأ مَن تناولها من المفسرين العلامة أبو شهبة في "الإسرائيليات والموضوعات" (ص: ٢٠٩ - ٢١٥) ثم خلص إلى أن التفسير الصحيح لها على وجهين -أحدهما لابن كثير- فقال: والمحققون من المفسرين منهم مَن نحا منحى العلامة ابن كثير فجعل الآية الأولى في آدم وحواء، وجعل قوله: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا} الآيةَ في المشركين من ذريتهما؛ أي: جعل أولادهما شركاء للَّه فيما أتاهما، والمراد بهم الجنس؛ أي: جنس الذَّكَر والأُنْثى، فمِن ثَمَّ حسُن قوله: {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} بالجمع، ويكون هذا الكلام من الموصول لفظًا المفصول معنى، ومنهم من جعل الآيتين في ذرية =