للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد ذُكر في هذه القصة زوائدُ وكلُّها باطلة.

وقد ردَّ الإمام أبو منصور رحمه اللَّه وغيرُه من أئمة الحق هذا القولَ، وأبوا أن يكون آخرُ الآية المذكورة في الشرك في حقِّهما، ولئن ثبتَ أنهما سمَّياه عبد الحارث فهو ليس بشرك فإن المملوك يسمى عبد مالكه وهو ليس بشرك (١).

والتأويل الصحيح للآيتين ما قاله الحسن البصري رحمه اللَّه: أن أول الآية في حق آدم وحواء عليهما السلام، وهو كالكلام المعترِض، والآيةُ الثانية المتَّصلة بها في حقِّ المشركين (٢)، وسياقهما على قوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ} أيها الناسُ {مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} وهي آدمُ {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} حواءَ {لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} فلما تَغشَّى آدمُ حواءَ {حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ} دعا آدم وحواءُ ربَّهما لئن أعطيتَنا ولدًا سويًّا صالحًا في الدِّين؛ لأن آدم رأى حين أَخْذِ الميثاق على ذريته (٣) جميعَ أولاده:


= آدم وحواء؛ أي: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} وهي نفس الذَّكَر {وَجَعَلَ مِنْهَا}؛ أي: من جنسها {زَوْجَهَا} وهي: الأنثى، {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا}؛ أي: بشرًا سويًّا كاملًا، {جَعَلَا}؛ أي: الزوجان الكافران {لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا}، وبذلك أبدلا شكر اللَّه كفرانًا به وجحودًا، وعلى هذا: لا يكون لآدم وحواء ذكر ما في الآيتين.
قلت: وسيأتي من كلام المؤلف في رد هذه القصة نحو هذا.
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ١١٢).
(٢) روى الطبري في "تفسيره" (١٠/ ٦٢٩) عن الحسن قوله: ({جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} كان هذا في بعض أهل الملل، ولم يكن بآدم)، وفي رواية: (عني بهذا ذرية آدم، مَن أشرك منهم بعده) يعني بقوله: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا}، وفي رواية ثالثة: (كان الحسن يقول: هم اليهود والنصارى، رزقهم اللَّه أولادًا فهوَّدوا ونصَّروا). وساق هذه الروايات ابن كثير عن الطبري بأسانيدها وعقبها بقوله: وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن أنه فسر الآية بذلك، وهو من أحسن التفاسير وأولى ما حملت عليه الآية.
(٣) بعدها في (ف): "وهم".