منهم السَّويُّ ومنهم غيرُ السَّويِّ، ومنهم التقيُّ ومنهم غيرُ التقيِّ، فسألا أن يكون هذا الولدُ سويًّا تقيًّا، وقالا: لئن آتيتَنا ذلك لنشكرنَّ لك، فأعطاهما اللَّه تعالى ذلك فشكَرا؛ لأن آدم وحواء لم يكونا ليَعِدَا من أنفسهما ذلك ولا يفعلا، وهذا مفهومٌ وإن لم يذكر، وتمَّ الكلام.
ثم قوله تعالى:{فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا}؛ أي: فلمَّا أعطى مَن بعدَهما مِن أولادهما كلَّ والدٍ ووالدةٍ من أهل الشرك ولدًا صالحًا سويَّ الأعضاء جعَل هذان الأبوان للَّه شركاءَ فيما أعطاهما، وذلك على وجوه:
منها: أنهم كانوا يسمُّون الأولاد: عبدَ العُزَّى، وعبدَ اللَّات، وعبد مناةَ، وعبد يغوثَ، ونحو ذلك.
ومنها: أنهم كانوا يأتون بالأولاد حالما وُلدوا فيمسحونها بالأصنام، ويسجدون لها شكرًا على هذه النعمة.
ومنها: أنهم كانوا يعلِّمون أولادهم الشركَ ويحمِلونهم عليه.
وإنما صحَّ صرفُ قوله تعالى:{فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا} على هذين الأبوين لأن أول الآية: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ} وهو خطابُ الجمع، فتناولَ كلَّ الناس، فكان هذان الأبوان فيهم، ويدلُّ عليه ما بعده، وهو قوله جلَّ جلاله:{فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} وهو جمع، فدل على أنه على المشركين دون آدم وحواء.
وفيه أقاويلُ كثيرةٌ ووجوهٌ مختلفةٌ، وما ذكرناه أصحُّها وأسلمُها.