للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٢٠١) - {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ}.

وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ} قرأ نافع وعاصم وابن عامر وحمزةُ: {طَائِفٌ} بالألف، والباقون: {طَيْفٌ} بغيرِ ألفٍ (١).

وقرأ سعيد بن جبير: (طَيِّفٌ) بتشديد (٢) الياء (٣)، وهما واحد عند بعضهم كالميْت والمائت والميِّت.

وقيل: الطيْف مصدرٌ، والطائف نعتٌ.

وقال الزجَّاج: طاف الخيال يَطيف بالياء، وطاف عليهم يطوف -أي: دار- بالواو (٤).

ومَن جعل هذا من الطَّوف الواوي قال: (طَيْفٌ) أصله: (طيِّفٌ) بالتشديد ثم خفِّف، وهو كالهَيْن والهَيِّن.

والطَّيْف والطائف: ما ألمَّ بالإنسان من عوارضِ (٥) الشيطان.

يقول: إن المؤمنين المتقين اللَّهَ إذا نالهم طيفٌ من الشيطان؛ أي: وسوسةٌ بإغراء وتنفيذِ غضبٍ {تَذَكَّرُوا}؛ أي: مواعظَ اللَّه {فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ}: قيل: أبصروا قبحَ ذلك، وقيل: أي: أبصروا الرُّشدَ فسلكوا طريقَه فسلِموا من نَزْغه، وإن ارتكبوا مأثمًا ثم تذكَّروا وتابوا فغفر لهم؛ أي: يا محمد فكذلك فكنْ.

وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: وفيه دليلٌ أنَّ المتقين قد ينالهم ذلك، وهو في


(١) انظر: "السبعة" (ص: ٣٠١)، و"التيسير" (ص: ١١٥).
(٢) في (أ) و (ف): "بتثقيل".
(٣) انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٥٣)، و"البحر" (١٠/ ٤٦٣). وزاد ابن خالويه نسبتها لابن عباس.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٢/ ٣٩٦).
(٥) بعدها في (ر): "من".