للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أولًا فصارت الأنفال لرسول اللَّه، ثم نزلت {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} فقسم اللَّه تعالى ذلك الخمس لرسوله ولمن سمِّي في الآية (١).

وروى أبو صالح عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: أن النبيَّ عليه السلام قال وهو يحرض الناس على القتال: "إن اللَّه تعالى وعدني أن يَفتح لي بدرًا وأن يُغْنمكم عسكرهم، فمَن قتل قتيلًا فله كذا من غنائمهم" فلما تواقَعوا أوقع اللَّه في قلوب المشركين الرعبَ وانهزموا، وتبعهم سَرَعان (٢) القوم، فأسروا سبعين وقتلوا سبعين، وغنموا العسكر وما فيه، وأقام وجوهُ الناس في مصافِّ رسول اللَّه عليه السلام معه، فلم يشذَّ منهم أحدٌ، ثم قام أبو اليَسَر كعب بن عمرو الأنصاريُّ أخو بني سلمة فقال: يا رسول اللَّه! إنك قد وعدتَ مَن قتل قتيلًا فله كذا، ومَن أَسر أسيرًا فله كذا، وإنَّا قد قتلنا سبعين وأسرنا سبعين، فقام سعد بن معاذ فقال: واللَّه ما منعنا أن نطلب ما طلب هؤلاء زهادةٌ في الآخرة ولا جبن عن العدوِّ، ولكن كرهنا أن نُعْريَ مصافَّك فيعطفَ عليك خيلٌ من خيلِ المشركين فيصيبوك، فأعرض عنهما رسول اللَّه عليه السلام، ثم قال (٣) أبو اليَسَر بمثلِ مقالته وقام سعدٌ بمثل كلامه، وقال: يا رسول اللَّه! إن الناس كثيرٌ، وإن الغنيمة والقتلى دون ذلك، وإن تعطِ هؤلاء الذين ذكرتَ لا يبقى لأصحابك كثيرُ شيء، فنزلت الآية، فقالوا: سمعًا وطاعة يا رسول اللَّه، فرجع القوم وليس لهم من الغنيمة شيء، ثم نزل: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} الآية (٤).


(١) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (٩٤٨٣)، وأبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص: ٣٤٢)، والطبري في "تفسيره" (٩/ ١٧٥).
(٢) في (ف): "فرسان". وسرعان الناس: أوائلهم المستبقون إلى الأمر. انظر: "القاموس" (مادة: سرع).
(٣) في (ف): "قام".
(٤) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٩٨٨) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، وذكره ابن أبي زمنين في "تفسيره" (٢/ ١٦٤) عن الكلبي، والثعلبي في "تفسيره" (٤/ ٣٢٤) عن ابن عباس، =