للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الطائفتين: إمَّا العيرُ، وإما فتحُ بدر، فما ترون؟ " فأشاروا إليه بالعير (١)، وكرهوا القتال وقالوا: إنَّا لم نتَّخذ أُهبةً للقتال، إنما ندَبْتَنا إلى العير، فأعاد المشورة فأشاروا بالعير، فقال سعد بن عبادة (٢): يا رسول اللَّه، انظر في أمرك فامضِ له، فواللَّه لو سرت إلى عدنِ أبينَ (٣) ما تخلَّف عنك رجلٌ من الأنصار، ففرح رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك.

وقال المقداد بن الأسود الكندي: يا رسول اللَّه، إنَّا لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: ٢٤] بل نقول: امضِ لأمرِ ربِّك فإنا بين يديك مقاتلون ما دامت منا عين تَطرف (٤)، فضحك النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال له خيرًا (٥).

وفي رواية: قال المقداد: فوالذي نفسك بيده لو سرتَ إلى بَرْكِ الغِماد -وهي مدينة بالحبشة- لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه، فدعا له بالخير (٦).


(١) في (ف): "فأشاروا بالعير"، وفي (ر): "فأشاروا إليه بل العير".
(٢) قوله: "سعد بن عبادة" كذا وقع في بعض الروايات، ومنها ما رواه مسلم (١٩٧٩) من حديث أنس رضي اللَّه عنه، لكن قال الحافظ في "الفتح" (٧/ ٢٨٨): فيه نظر، لأن سعد بن عبادة لم يشهد بدرًا، وإن كان يعد فيهم لكونه ممن ضرب له بسهمه. . .، قال: ووقع عند الطبراني أن سعد بن عبادة قال ذلك بالحديبية، وهذا أولى با لصواب.
(٣) في رواية مسلم: (إلى برك الغماد).
(٤) في (أ) و (ف): "تطرف".
(٥) رواه بنحوه البخاري (٤٦٠٩) من حديث ابن مسعود رضي اللَّه عنه.
(٦) ذكر هذه الرواية الواقدي في "المغازي" (١/ ٤٨)، وابن إسحاق كما في "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦١٥)، والقرطبي في "تفسيره" (٩/ ٤٦٢). وعندهم بدل "والذي نفسك بيده": (والذي بعثك بالحق). وقوله: "وهي مدينة بالحبشة"، وقع مثله عند القرطبي، ولم يرد عند ابن هشام، وجاء عند الواقدي بدلًا منه: (وبَرْكُ الغِمَادِ مِن وراءِ مكه بخمسِ ليالٍ من وراءِ الساحلِ مما يَلي البحرَ، وهو على ثمانِ ليالٍ من مكة إلى اليمن).