للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واكتسَى مَن كان عاريًا، وأصابوا طعامًا من أزوادهم، وأصابوا فداء الأسارى فأُغني به كلُّ عائل (١).

وكانت عاتكة بنتُ عبد المطلب رأت قبل قدوم ضمضمِ بن عمرٍو رؤيا أفزعَتْها، فأرسلت إلى أخيها العباسِ بن عبد المطلب وقالت: يا أخي! رأيت راكبًا أقبل على بعيرٍ حتى وقف بالأبطح، ثم صرخ بأعلى صوته: يا آل غُدَرَ انفِروا إلى مصارعكم، صرخ بها ثلاثًا (٢)، فاتَّبعه الناس فدخل المسجد والناس يتبعونه، إذ مَثَلَ به بعيره على ظهر الكعبة، فصرخ مثلَها ثلاثًا، ثم مَثَل (٣) به بعيره على أبي قُبيس فصرخ مثلها ثلاثًا، ثم أخذ صخرةً من أبي قبيسٍ فأرسلها فأقبلت تهوي حتى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضَّت (٤) فما بقي بيت من بيوت مكة إلا دخلته منها فلذةٌ.

وكان عمرو بن العاص يقول: لقد رأيتُ أنا كلَّ هذا، ورأيت في دارنا فلذةً من الصخرة، ولقد كان فيه عبرةٌ ولكنَّ اللَّه تعالى لم يُرِدْ أن نُسلم يومئذٍ وأخَّر إسلامنا إلى ما أراد اللَّه.

فاغتم (٥) العباس لذلك، وخرج فلقي الوليد بن عتبة بن ربيعةَ وكان له صديقًا، فذكرها له واستكتمه، ففشا الحديث في الناس، قال: فغدوتُ أطوف بالبيت وأبو جهلٍ في رَهْطٍ من قريش يتحدَّثون برؤيا عاتكة، قال أبو جهل: يا بني عبد المطلب!


(١) انظر: "مغازي الواقدي" (١/ ٢٦).
(٢) في (أ): "ثلاث مرات".
(٣) في (أ) و (ف): "تمثل".
(٤) أي: تفتَّتَتْ، ووقع في النسخ: "انقضت"، والمثبت من المصادر. انظر: "مغازي الواقدي" (١/ ٢٩)، وكذا في رواية ابن إسحاق عن ابن عباس وعروة بن الزبير كما في "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٠٧) و"دلائل النبوة" للبيهقي (٣/ ٣٠)، ومثله في رواية عروة عند الطبراني في "الكبير" (٢٤/ ٣٤٦).
(٥) في (أ): "فأهم"، وفي (ف): "فاهتم".