للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يقولون: لو حملوا علينا ما ثبتنا، وذلك قوله تعالى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا} [الأنفال: ١٢] فأخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كفًّا من الحصباء (١) فرماهم بها وقال: "شاهتِ الوجوه، اللهمَّ أرعِبْ قلوبهم وزلزِلْ أقدامهم".

فانهزم أعداء اللَّه لا يَلْوون على شيء، والمسلمون يقتلون ويأسرون، فأقبل عاصم بن عوف كأنه ذئبٌ فقال: يا معشر قريش، عليكم بالقاطِع مفرِّق الجماعات الآتي بما لا نعرف، محمد لا نجوتُ إن نجا، واعترضه أبو دجانة فاختلفا ضربات، وضربه أبو دجانة فقتله، فوقف على سلَبه يسلبه، فمرَّ به عمر وهو على تلك الحال فقال: دع سَلَبه حتى يُجهَض العدوُّ وأنا أشهدُ به لك.

ولما رأت بنو مخزوم مقتَلَ مَن قُتل أجمعوا على أن يُلبسوا لأمة أبي جهل رجلًا منهم، فألبَسوها عبد اللَّه بن المنذر، فقصده عليٌّ فقتله وهو يراه أبا جهلٍ، فضربه فقتله وهو يقول له: خذها وأنا ابن عبد المطلب، ثم ألبَسوها أبا (٢) قيس بن الفاكه، فقصده حمزة وهو يراه أبا جهل فضربه فقتله حمزة وهو يقول له (٣): خذها وأنا ابن عبد المطلب، ثم ألبسوها آخرَ (٤) فقصده عليٌّ فقتله، وأبو جهل في أصحابه، ثم أرادوا أن يُلبسوها آخر (٥)، فأبى أن يلبسها يومئذ.

فقال معاذ بن عمرو بن الجموح: نظرت إلى أبي جهل يومئذ في مثل الحَرَجة (٦)


(١) في (ر): "الحصى".
(٢) في (ف): "ألبسوها آخر وهو أبو".
(٣) في (ف): "فقال" بدل: "حمزة وهو يقول له".
(٤) في "المغازي": (ثم ألبسوها حرملة بن عمرو).
(٥) في "المغازي": (أن يلبسوها خالد بن الأعلم).
(٦) الحرجة: الغيضة التي تضايقت لالتفافها. انظر: "الفائق" (١/ ٢٧٣).