للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

خذلانُ سراقةَ إياكم، فإنما كان على ميعادٍ من محمد وأصحابه، سيعلم إذا رجعنا إلى قومه (١) ما نصنع بقومه، ولا يهولنَّكم مقتلُ عتبةَ وشيبةَ والوليدِ فإنهم عَجِلوا وبَطِروا حين قاتلوا، وايمُ اللَّه لا نرجعُ اليوم حتى نفرِّق محمدًا وأصحابه في الجبال، فلا أُلْفيَنَّ (٢) أحدًا منكم قتلَ محمدًا (٣)، ولكنْ خذوهم أخذًا حتى نعرِّفهم (٤) بالذي صنعوا بمفارقتهم دينكم ورغبتِهم عما كان يَعبد (٥) آباؤهم.

وكان فتيةٌ من قريشٍ سبعةٌ قد أسلَموا فاحتبَسهم آباؤهم، فخرجوا معهم إلى بدرٍ وهم على الارتياب، فلمَّا رأوا قلَّة أصحاب النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قالوا: {غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ} الآيات [الأنفال: ٤٩].

والتحم القتال ورسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رافعٌ يديه يسألُ اللَّه النصرَ وما وعَده، ويقول: "اللهم إنْ ظهر عليَّ هذه العصابةُ ظهر الشرك ولا يقومُ لك دِينٌ" وأبو بكر رضي اللَّه عنه يقول: واللَّه لينصرنَّك اللَّه يا رسول اللَّه، وليُبيِّضنَّ اللَّه وجهَك، فأنزل اللَّه تعالى ألفًا من الملائكة مردِفين.

وكان سِيْما الملائكةِ عمائمَ قد أرخَوها بين أكتافهم خضرًا وحمرًا وصفرًا من نُورٍ، والصوفُ في نواصي خيلهم، وفي مغافرهم (٦) وقلانسهم، وكان الملَك يتصوَّر في صورةِ مَن يعرفون من الناس يثبِّتونهم ويقول: إني قد دنوتُ منهم فسمعتُهم


(١) في "المغازي": (إلى قديد)، وقديد: قرية جامعة بين مكة والمدينة كثيرة المياه.
(٢) في (ف): "ألقين".
(٣) في "المغازي": (قتل أحدًا)، وهو الأنسب بالسياق.
(٤) في (ف): "خذوهم أخذًا نعذبهم".
(٥) في (ر): "عليه".
(٦) في (أ): "مفارقهم".