للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من قومنا، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "قوموا يا بني هاشم فقاتلوا بحقِّكم الذي بعث اللَّه به نبيَّكم إذ جاؤوا بباطلهم ليطفئوا نور اللَّه" فقام حمزة بن عبد المطلب وعليُّ بن أبي طالب وعبيدةُ بن الحارثِ بنِ عبد المطلب بن عبد منافٍ، فمشَوا إليهم، فقال عتبة: تكلَّموا نَعْرفْكم، وكان عليهم البيضُ فأنكَروهم (١)، فقال حمزةُ: أنا حمزةُ بن عبد المطَّلب أسدُ اللَّه وأسدُ رسوله، فقال عتبة: كفؤٌ كريم، وأنا أسدُ الحلفاء، مَن هذان معك؛ فقال: عليُّ بن أبي طالب وعُبيدةُ بن الحارث، فقال: كفؤان كريمان، ثم قال عتبة لابنه الوليد: قُم يا وليد، فقام الوليد وقام إليه علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه وكان أصغرَ النفر، فاختلَفا ضربتين فقتله عليٌّ، ثم قام عتبةُ فقام إليه حمزة فاختلفا ضربتين فقتله حمزة، ثم قام شيبة فقام إليه عبيدةُ بن الحارث وهو يومئذ أسنُّ أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فضرب شيبةُ رِجل عبيدة بذباب السيف فأصاب عضلةَ ساقه فقطعها، وكرَّ حمزة وعليّ على شيبةَ فقتلاه، واحتمَلا عبيدةَ فجاءا به إلى الصفِّ ومخُّ ساقه يسيل، فقال عبيدة: يا رسول اللَّه، ألستُ شهيدًا؟ قال: "بلى"، ونزلت فيهم هذه الآية: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} الآية.

وإن إبليس لعنه اللَّه تصوَّر بصورة سُراقة بن جُعْشُمٍ يخبرُ المشركين أنه لا غالبَ لكم (٢) اليوم من الناس، فلما أبصر عدوُّ اللَّه الملائكةَ نكَص على عقبيه وقال: {إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ} [الأنفال: ٤٨]، فتشبَّث به الحارث بن هشام وهو يَرى أنه سراقةُ لِمَا سمع من كلامه، فضرب في صدر الحارث فسقط، وانطلق إبليس لا يُرى حتى وقع في البحر، ورفع يديه وهو يقول: يا رب موعدَك الذي وعدْتَني.

فأقبل أبو جهل لعنه اللَّه على أصحابه فحضَّهم على القتال، وقال: لا يغرنَّكم


(١) "فأنكروهم": ليس من (ف).
(٢) في (ف): "لهم".