للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَلِذِي الْقُرْبَى}: هو القريب، وليس فيه أنه قريبُ مَن؟ لكن (١) اجتمعت الأمة أنه أريد به قريبُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو واحدٌ بمعنى الجمع لأنه جنس، فكان سهمٌ من الغنيمة لأقرباءِ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حالَ حياته، وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يُعطيهم، وعُرف بفعل (٢) رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن المراد به أقرباؤه، وما كان يعطيهم كلَّهم.

روي عن جبير بن مطعم قال: لمَّا قسم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سهمَ ذي القربى بين بني هاشم وبني المطَّلب أتيتُ أنا وعثمان رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلنا: يا رسول اللَّه! هؤلاء بنو هاشم لا نُنكر فضلَهم لمكانك الذي وضعَك اللَّه فيهم، أرأيت بني المطلب، أعطيتَهم وحرَمْتَنا -يعني: بني عبد شمسٍ وبني نوفل- وإنما نحن وهم منك بمنزلةٍ واحدة؟ فقال: "إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام"؛ أي: في حالِ جاهليتهم وبعد إسلامهم "وإنما بنو هاشمٍ وبنو المطلب شيء واحد"، وشبك بين أصابعه (٣).

وسقط سهم ذوي القربى بوفاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ أجمع عليه الصحابة رضي اللَّه عنهم؛ لِمَا أشار في هذا الحديث أن الإعطاء كان معلولًا بالنُّصرة، وقد (٤) سقطت العلة فسقط (٥) معلولُها، وعمِل به الخلفاءُ الراشدون، واتَّبعهم عليه الآخرون، وهو قولُ علمائنا رضي اللَّه عنهم أجمعين. وقال الشافعي رحمه اللَّه: هو باقٍ.

وقوله تعالى: {وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}: وسهمٌ كان لليتامى، وهو


(١) في (ف): "وليس قريبٌ ما ولكن"، في (أ): "وليس فيه أنه قريب من ذلك".
(٢) "بفعل" ليس من (ف).
(٣) رواه البخاري (٣١٤٠)، والإمام أحمد في "المسند" (١٦٧٤١)، والنسائي (٤١٣٧)، ولم يرد في رواية البخاري: "إنَّهم لمْ يفارقُوني في جاهليَّةٍ ولا إسلامٍ"، وليس عنده: (وشبك بين أصابعه).
(٤) في (ف): "وإن".
(٥) في (ر): "فيسقط".