للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: كلُّ عدوٍّ خافٍ.

وقوله تعالى: {لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ}: أي: قد أعدَّ لهم جزاء عملهم (١).

وقوله تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}: (ما) كلمة شرطٍ، ولذلك جَزَم فحُذفَ النونُ في {تُنْفِقُوا} وحُذف الياء في {ويُوَفَّ}.

أي: وكلُّ نفقةٍ قلَّتْ أو كثُرتْ تنفقونها في طاعة اللَّه وخصوصًا في الجهاد فأجرُه موفَّرٌ عليكم بالواحد سبعُ مئة إلى ما فوق ذلك، وأنتم لا تُنقَصون من أجورِ أعمالكم شيئًا.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}؛ أي: لا تَخرجوا إلى الحروب كما خرجتُم إلى بدرٍ بغير السلاح؛ لأن حرب بدر كانت آيةً، فأمَركم بالخروج إليها بغير سلاح ليميزَ بين الحقِّ والباطل بهذه الآية، وفي غيرها أمَر بالاستعداد تعلُّقًا بالأسباب التي دبَّر بها أمورَ العباد (٢).

قوله: {مِنْ قُوَّةٍ} هي الاستطاعةُ التي هي سلامةُ الآلات، ولذلك كانت قبل الفعل، فأما القوةُ التي هي علةُ الفعل فإنها تكون مع الفعل.

وقوله تعالى: {وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} قيل: هم الشياطين، وهو كما قال: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف: ٢٧] ويقع الإرهابُ بالخيل في حقِّهم بما فيه من قمع أوليائهم، أو يكون فيه إرهاب أوليائهم وينسب إليهم.

ويجوز أن يراد به كلُّ عدوٍّ يَظهر من بعد ذلك إلى يوم القيامة، ودلَّ ذلك على قيام فرض الجهاد إلى يوم القيامة.


(١) في (ر) و (ف): "مثلهم".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٢٤٧).