للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: الناس مختلفون في قوة القلب على حسَب اختلاف أحوالهم (١)، فواحدٌ يقوَى قلبه بموعود (٢) نصره، وآخرُ يقوَى قلبه بأن الحقَّ عالم بحاله، وآخرُ يقوى قلبه بتحققه بأنه بمشهدٍ من ربه، قال تعالى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور: ٤٨].

وآخرُ يقوى قلبه بإيثار رضى اللَّه تعالى على مراد نفسه.

وآخرُ يقوى قلبه برضاه بما يفعله مولاه.

وقيل: أقوى جُنَّةِ العبد في مجاهدةِ العدوِّ تبرؤُه من حوله وقوَّته (٣).

وقد قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بك أقاتل وبك أحاول" (٤).

* * *

(٦١) - {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.

وقوله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا}: أي: مالوا إلى الصلح فمِلْ إليها، جنَحت السفينة: إذا (٥) مالت، وجَناح الطائر يقع به الميل في أحد شقيه، والجُناح: الميل إلى المأثم.

وقرأ عاصم في رواية أبي بكر: {للسِّلم} بكسر السين، والباقون بفتحها (٦)،


(١) في (ف): "حالاتهم".
(٢) في (ف): "بموعد".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٦٣٥).
(٤) رواه الإمام أحمد في "المسند" (١٨٩٣٧)، والنسائي في "الكبرى" (٨٥٧٩)، وابن حبان في "صحيحه" (١٩٧٥)، من حديث صهيب رضي اللَّه عنه. وهو حديث صحيح.
(٥) في (ف): "أي".
(٦) انظر: "السبعة" (ص: ٣٠٨)، و"التيسير" (ص: ١١٧).