وقوله تعالى:{وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ}: أي: إن يريدوا بجنوحهم للسَّلم أن يخدعوك لضعفٍ يكون فيهم في ذلك الوقتِ فيلتمسوا السَّلْم ليَسلَموا إلى أن يَقْوَوا ويُمكنَهم انتهازُ الفرصة منك {فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ}؛ أي: كافيَكَ خداعَهم وناصرَك عليهم.
وقوله تعالى:{هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ}: بمددِ الملائكة يومَ بدر {وَبِالْمُؤْمِنِينَ} الذين ألَّف بين قلوبهم على نصرتك، ومجاهدةِ الكفار على طاعتك، بعد تبايُنٍ وتباغُضٍ كان بينهم.
وقوله تعالى:{لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ}: هم الأوس والخزرج، ما كان يطمع في تألُّفهم بإنفاق الكثير من الأموال.
وقوله تعالى:{وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ}: بفضله ولطفه {إِنَّهُ عَزِيزٌ} لا يُرَدُّ ما يفعله {حَكِيمٌ} لا يَنتقِض تدبيره ولا يختلُّ سلطانه.
قال الكلبي:{وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ} يعني: يهود بني قريظةَ يخدعوك بالصلح لتكفَّ عنهم، فاللَّه حسبُك، هو الذي أعانك وقوَّاك {بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} -يعني: الأوسَ والخزرج- يومَ بدر، وألَّف وجمع بين قلوبهم بالإسلام.
وقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ}: وليس بتكرارٍ؛ لأن قوله:{فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} معناه: فإنه يكفيك خداعهم، وهذا الثاني عامٌّ في كلِّ كفايةٍ يحتاج إليها.
وقوله تعالى:{وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}: له وجوه:
أحدها: النصب، بمعنى: يكفيك ويكفي مَن اتَّبعك؛ كما قال:{إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ}[العنكبوت: ٣٣]، وقال الشاعر: