للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٦٧) - {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.

وقوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ}:

قال الواقدي: ولما حبَس الأسرى ببدر استَعملَ عليهم شُقرانَ، فقالوا: لو بعثنا إلى أبي بكر الصدِّيق رضي اللَّه عنه فإنه أَوْصَلُ قريش لأرحامنا، ولا نعلم أحدًا أعظمَ عند محمد منزلةً منه، فبعثوا إلى أبي بكر رضي اللَّه عنه فأتاهم، فقالوا: يا أبا بكر، إن فينا الآباءَ والأبناء والأخوالَ والعمومةَ وبني العم، وأبعدُنا قريبٌ، فكلِّم صاحبَك فيَمُنَّ علينا أو ليفادينا، فقال: نعم إن شاء اللَّه تعالى، لا آلوكم خيرًا إن شاء اللَّه، ثم انصرف إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قالوا: وابعثوا إلى عمر -رضي اللَّه عنه- فإنه مَن قد علمتُم، ولا نأمنُ أن يُفسد عليكم، لعله يكفُّ عنكم، فأرسلوا إليه فجاءهم، فقالوا له مثلَ ما قالوا لأبي بكر، فقال: لا آلوكم شرًا، ثم انصرف إلى النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فوجد أبا بكر والناسَ حوله، وأبو بكر يليِّنه ويَفْثَؤه (١) ويقول: يا رسول اللَّه، بأبي وأمي، قومُك فيهم الآباء والأبناء والعمومةُ والأخوال، وأبعدُهم منك قريبٌ فامنُن عليهم منَّ اللَّه عليك، أو فادِهم يستنقِذْهم اللَّه بك من النار فتأخذَ منهم ما أخذتَ قوةً للمسلمين.

ثم قام فتنحَّى ناحيةً، وسكت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فلم يُجِبْه، ثم جاء عمر رضي اللَّه عنه فجلس (٢) مجلسَ أبي بكر فقال: يا رسول اللَّه، هم أعداء اللَّه كذَّبوك وقاتَلوك،


(١) في (أ): "ويعثاه"، وفي (ر): "ويفتوه"، وليست من (ف). والمثبت من "المغازي"، ومعناه: يسكن غضبه. انظر: "القاموس" (مادة: فثأ).
(٢) بعدها في (ف): "في"، وليست في "المغازي".