للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اضرِبْ رقابهم هم رؤوسُ الكفر وأئمةُ الضلالة، يوطِّئ اللَّه بهم الإسلام ويذلُّ بهم أهل الشرك.

فسكت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فلم يُجبه، وعاد أبو بكر رضي اللَّه عنه إلى مجلسه الأول وقال: يا رسول اللَّه، بأبي أنت وأمي، قومُك فيهم الآباء والأبناء والأخوال والعمومة، وأبعدُهم منك قريبٌ فامنُنْ عليهم أو فادهم، هم عِتْرتُك (١) وقومك، لا تكن (٢) أولَ مَن يستأصلهم، يهديهم اللَّه خيرٌ من أن تُهلكهم.

فسكت عنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يردَّ عليه شيئًا، وقام أبو بكر ناحيةً وعاد عمر فجلس مجلسه فقال: يا رسول اللَّه، ما تنتظرُ بهم، اضرب رقابهم (٣) يوطِّئ اللَّه بهم الإسلام ويذلُّ أهل الشرك، اشفِ صدور المسلمين.

فسكت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فلم يجبه، وقام ناحية وجلس، وعاد أبو بكر رضي اللَّه عنه وكلَّمه بمثل كلامه فلم يجبه، فتنحَّى ناحيةً، ثم قام عمر فكلَّمه بمثل كلامه فلم يُجبه.

ثم قام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فدخل قبَّته فمكث فيها ساعةً، ثم خرج والناس يخوضون في شأنهم، يقول بعضهم: القولُ ما قال أبو بكر، وآخرون يقولون: القول ما قال (٤) عمر، فلما خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما تقولون في صاحبيكم هذين؟ دعوهما فإن لهما مَثَلًا، مَثَل أبي بكر في الملائكة مَثَلُ ميكائيلَ ينزل بالرحمة، ومَثَله في الأنبياء كمثل إبراهيم عليه السلام، كان ألينَ على قومه من العسل، أَوْقَد له قومُه النار فطرحوه فيها، فما زاد على أن قال: {أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا


(١) قوله: "هم عترتك" من "المغازي"، ووقع بدلا منها في (أ): "عزتك"، وفي (ر) و (ف): "هم عثرتك".
(٢) في النسخ: "تكون"، والمثبت من "المغازي".
(٣) في (ف) و (أ): "أعناقهم".
(٤) في (ف): "قاله".