للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تَعْقِلُونَ} [الأنبياء: ٦٧] وقال: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم: ٣٦]، ومثَلُه (١) مثَلُ عيسى إذ يقول: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: ١١٨]، ومثل عمر في الملائكة كمثلِ جبريل ينزل بالسخطة من اللَّه والنِّقمة على أعداء اللَّه، ومَثَلُه في الأنبياء كمَثَل نوح عليه السلام كان أشدَّ على قومه من الحجارة إذ يقول: {لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: ٢٦]، فدعا عليهم دعوةً أَغرق اللَّه بها الأرض جميعًا، وكمثل موسى إذ يقول: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: ٨٨]، وإن بكم عَيلةً فلا يفوتنَّكم رجل من هؤلاء إلا بفداءٍ أو ضربةِ عنق فقال عبد اللَّه بن مسعود: يا رسول اللَّه، إلا سهيل بن بيضاء فإني رأيتُه يُظهر الإسلام بمكة (٢)، فسكت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال عبد اللَّه بن مسعود: فما مرَّت عليَّ ساعةٌ قطُّ كانت أشدَّ عليَّ (٣) من تلك الساعة، فجعلت انظر إلى السماء أتخوَّف أن تسقط عليَّ الحجارةُ لتقدُّمي بين يدي اللَّهِ عز وجل ورسولِه بالكلام، فرفع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رأسه فقال: "إلا سهيل بن بيضاء"، فما مرت عليَّ ساعةٌ قط أقرَّ لعيني منها، ثم قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه يشدِّدُ (٤) القلب


(١) بعدها في (ف): "أيضًا" وليست في "المغازي".
(٢) جاء في "المغازي" هنا: (قال ابنُ واقِدٍ: هذا وهمٌ، سهيلُ بن بيضاءَ مِن مُهاجِرة الحبشة، ما شهدَ بدرًا، إنما هو أخٌ له يقال له سَهْلٌ). قلت: وكذا قال ابن سعد في "الطبقات" (٥/ ٢١٣): (والذي روى هذه القصة في سهيل ابن بيضاء قد أخطأ، سهيل ابن بيضاء أسلم قبل عبد اللَّه بن مسعود ولم يستَخْفِ بإسلامه، وهاجر إِلَى المدينة وشهد بدْرًا مَعَ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مسلمًا لا شك فيه، فغلط من روى ذلك الحديث ما بينه وبين أخيه؛ لأن سهيلًا أشهر من أخيه سهل، والقصة فِي سهل، وأقام سهل بالمدينة بعد ذلك وشهد مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعض المشاهد، وبقي بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-). قلت: وقد ورد الاسم على الصواب في رواية الحديث عند الإمام أحمد برقم (٣٦٣٤).
(٣) في (ر): "فما مرَّت ساعةٌ عليَّ قطُّ أشدُّ".
(٤) في (ف): "ليشدد".