للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيه حتى يكون أشدَّ من الحجارة، ويليِّن القلبَ فيه حتى يكون ألينَ من الزُّبد"، فقبِل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الفداء (١).

وفي رواية: قال عمر: أرى أن تمكِّننا منهم، فتمكِّنَ عليًّا من عقيل حتى يضربَ عنقه، وتمكِّنَ حمزةَ من أخيه العباس حتى يضربَ عنقه، حتى يعلم ربُّنا أنه ليس في قلوبنا للكفار هوادةٌ، قال عمر رضي اللَّه عنه: فرضي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما قال أبو بكر رضي اللَّه عنه، فلما كان من الغد أتيتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فإذا هو وأبو بكر رضي اللَّه عنه يبكيان، فقلت: يا رسول اللَّه! أخبرني من أيِّ شيء تبكيان؟ فإنْ وجدتُ (٢) بكاءً بكيتُ، وإن لم أجد بكاءً تباكيتُ، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أبكي للَّذي كان من أصحابك في أخذهم الفداء، ولقد عُرض عليَّ عذابكم أدنى من هذه الشجرة" وهي قريبةٌ من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "ولو نجا منه أحدٌ لنجا منه ابنُ الخطاب" فأنزل اللَّه تعالى قولَه: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} (٣)؛ أي: يُكثِرَ القتل ويَغلب ويَقهر في أرض العرب.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: أي: وما كان لنبيٍّ أن يأخذ من الأسرى الفداءَ حتى يَغلب في الأرض، حتى إذا أخذ الفداء أو أطلقهم بعدما غلَب في


(١) انظر: "مغازي الواقدي" (١/ ١٠٧ - ١١٠)، ورواه بنحوه دون قوله: "إن اللَّه يشدد. . . " الإمام أحمد في "المسند" (٣٦٣٢) من طريق أبي عبيدة عن أبيه عبد اللَّه بن مسعود، ورواه أيضًا (٣٦٣٤) ولم يسق لفظه، بل اقتصر على بيان الاختلاف في ابن بيضاء، فجاء فيه: (سهل بن بيضاء) على الصواب، وقد نبهنا إليه قريبًا. ورواه الترمذي (١٧١٤) و (٣٠٨٤) مختصرًا، وقال: حديث حسن وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه.
(٢) في (ر): "أجد".
(٣) رواه مسلم (١٧٦٣) من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما. دون قوله: "ولو نجا منه أحد لنجا منه ابن الخطاب". وفيه: ". . . عرض عليَّ عذابهم. . . ".