للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا}: أي: فقد أحلَلْتُ لكم الغنائم التي كانت محرَّمةً على الأمم قبلكم فكلوها حلالًا طيبًا؛ أي: محلَّلةً قد زالت عنكم التَبِعة والإثم فيه.

وروى أبو هريرةَ رضي اللَّه عنه عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "ما أُحلَّتِ الغنائم لأحدٍ من سودِ الرؤوس قبلَكم، كانت النارُ تنزل من السماء فتأكلُها" (١).

وقال علي بن أبي طلحة: كان اللَّه كتَب في أمِّ الكتاب: إن الغنائم والأسارى حلالٌ لأمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأخذوا الغنائم وأسروا الأسارى قبل أن ينزل في ذلك شيءٌ، فأنزل اللَّه تعالى: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} فلمَّا نزلت هذه الآية أمسكوا عن مد أيديهم إلى شيء من الغنائم، فنزل: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} (٢).

وقوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ}: في الائتمارِ بأوامره والانتهاءِ بنواهيهِ.

وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ}: لِمَا كان منكم قبل هذا {رَحِيمٌ} لم يعاجِلْكم بالعقوبة، ولا يعذِّبُكم بعد التوبة.

* * *

(٧٠) - {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.


(١) ورواه الترمذي (٣٠٨٥) وقال: حسن صحيح.
(٢) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٥/ ١٧٣٤) من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس دون قوله: "فلما نزلت هذه الآية أمسكوا. . . "، وهذه القطعة ذكرها الواحدي في "البسيط" (١٠/ ٢٦٠) عن المفسرين.