للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

البلاء من العهد: {لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [يونس: ٢٢] {فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} (١)؛ أي: انتقم منهم فعذَّبهم بك وبالمؤمنين وهم مع صناديدهم ورؤسائهم، فكيف بعد ذهابهم بالقتل؟

وقوله تعالى: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ}: بخَلْقه ما يستحقُّونه من عقابه {حَكِيمٌ} في حكمه وأمره.

قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: {وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ} يعني: العباسَ وأصحابه في قولهم: نشهدُ إنك لرسولُ اللَّه، ولنَنْصَحنَّ لك على قومنا، يقول: إن كان هذا خيانةً فقد خانوا اللَّه من قبلُ فأَمْكَنك منهم (٢).

وهذه الآيةُ والتي قبلها في العباس وعقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث، وكان العباس أحد العشرة الذين ضمِنوا إطعام أهل بدر، ولم يكن بلَغَتْه النَّوبة حتى أُسر وأُخذت منه عشرون أوقيةً من ذهب كان خرج بها ليُطعم الناس، وأُسر قبل الإنفاق وأُخذ منه ذلك المال، فكلَّم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يجعل تلك العشرين أوقيةً من الفداء فلم يفعل، وقال له (٣): "أمَّا شيء خرجتَ به تستعين به علينا فلا أتركُه لك"، وأَضْعَفَ عليه الفداءَ وكلَّفه فداءَ عَقيلٍ ونوفلٍ، فقال العباس: يا محمد! تركتَني أسأل قريشًا الدَّهرَ في كفِّي، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فأين الذهبُ الذي دفعتَه إلى أم الفضل وقتَ خروجك من مكة، فقلتَ لها: إني لا أدري ماذا (٤) يُصيبني في وجهي هذا، فإن حدثَ لي حدثٌ فهذا لك ولعبد اللَّه ولعبيد اللَّه وللفضل وقُثم"؟ يعني: بنيهِ، فقال له


(١) المصدر السابق.
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٢٨٧).
(٣) "له" زيادة من (ف).
(٤) في (ف) و (أ): "ما".