للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أبا بكرٍ، فلما كان بالعَرْجِ (١) ثوَّبَ لصلاة الصُّبح، فلمَّا استوى أبو بكرٍ رضي اللَّه عنه ليكبِّر سمع الرغاء، فوقف وقال: هذا رُغاءُ ناقةِ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الجدعاء، لقد بدا لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحجِّ، فإذا عليها عليٌّ رضي اللَّه عنه، فقال أبو بكر رضي اللَّه عنه: أميرٌ أم رسول؟ قال: لا بل رسول (٢) أرسلني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ببراءةَ أقرؤها على الناس في مواقف الحج، فقَدِما مكة، فلما كان قبلَ التروية بيومٍ قام أبو بكر رضي اللَّه عنه فخطب الناس وحدَّثهم عن مناسكهم، ثم قام عليٌّ فقرأ ثلاثين أو أربعين آيةً من براءةَ (٣). وأجَّل المشركين أربعةَ أشهر.

وفي رواية: كان ذلك يومَ عرفةَ، وأجَّل المشركين عشرين من ذي الحجة والمحرمَ وصفرًا وشهرَ ربيعٍ الأول وعشرًا من شهر ربيع الآخر (٤)، ونادى الناسَ في منازلهم: لا يدخل الحرم إلا مؤمنٌ، ويُتَمُّ إلى كل ذي عهدٍ عهدَه، ولا يحج بعد العام مشركٌ، ولا يطوف بالبيت عُرْيان (٥).

وقال الزهري: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} نزلت في شوال، فهي أربعة الأشهر: شوال وذو القعدة وذو الحجة والمحرم (٦).


(١) في هامش (أ): "العرج بسكون الراء من مراحل طريق مكة".
(٢) "لا بل رسول" من مصادر التخريج، ووقع في النسخ بدلًا منه: "بلى".
(٣) رواه الدارمي في "سننه" (١٩١٥)، والنسائي (٢٩٩٣)، وابن حبان في "صحيحه" (٦٦٤٥). وتكرر في الحديث ذكر خطبة أبي بكر وقيام علي بقراءة براءة أربع مرات: قبل يوم التروية بيوم، ويوم عرفة، ويوم النحر، ويوم النفر الأول.
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٣٠٩) عن محمد بن كعب القرظي، ورواه بنحوه أبو عبيد في "الأموال" (٤٤٩)، والطبري في "تفسيره" (١١/ ٣١٠)، عن مجاهد.
(٥) رواه الإمام أحمد في "مسنده" (٧٩٧٧)، والنسائي (٢٩٥٨)، من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٦) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (١٠٤١)، والطبري في "تفسيره" (١١/ ٣١٠)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٧٤٧).