للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال النعمان بن بَشير: كنت عند منبرِ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في نفرٍ من أصحابه، فقال رجل منهم: ما أبالي ألا أعمل عملًا بعد الإسلام إلا أنْ أسقي الحاجَّ، وقال آخر: بل عمارةُ المسجد الحرام أحبُّ إليَّ، وقال آخر: بل الجهاد في سبيل اللَّه خيرٌ مما قلتُم، فزجرهم عمرُ رضي اللَّه عنه وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبرِ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- -وذلك يومَ الجمعة- فإذا صلى الجمعة دخلتُ إليه (١) فاستفتيتُه عما اختلفتُم فيه، ففعلوا فأنزل اللَّه هذه الآية (٢).

وقال مرةُ الهَمْدانيُّ: قال عليٌّ للعباس: يا عم! ألا تهاجرُ؟ قال: ألستُ في أفضلَ من الهجرة؟ ألستُ أسقي الحجيجَ وأَعْمُرُ المسجد الحرام؟ فنزلت الآية (٣).

وقال مجاهد: أُمروا بالهجرة، فقال العباس: أنا أسقي الحاجَّ، وقال طلحة: أنا حاجب (٤) الكعبة، لا نهاجر، فنزلت الآية (٥).

وقال القشيريُّ رحمه اللَّه: ليس مَن قام بمعاملةِ ظاهره كمَن استقام في تصحيح سرائره، ولا مَن استضاء بسراج علومه كمَن استبصَر بشُموس معارفه، ولا مَن نُصب بالباب من حيث الخدمةُ كمَن مُكِّن من البساط من حيث القُربة، وليس نعتُ مَن تكلَّف نِفاقًا كوصفِ مَن تحقَّق وفاقًا، بينهما بونٌ بعيد (٦).

* * *


(١) في (أ): "عليه".
(٢) رواه مسلم (١٨٧٩).
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٢٠)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص: ٢٤٥)، عن ابن سيرين ومرة الهمداني. ورواه من طريق آخر ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٧٦٩).
(٤) في (أ): "صاحب".
(٥) رواه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٣٨٤)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٧٦٨ و ١٧٧٠).
(٦) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ١٥).