للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكان من دعائه يومئذ: "اللهم لك الحمد، وإليك المشتكَى، وأنت المستعان"، فقال له جبريل صلوات اللَّه عليه: لقد لُقِّنْتَ الكلمات التي لَقَّنَ اللَّه تعالى موسى يومَ فلَق له البحر.

وكان النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في مئةٍ صابرة: ثلاثةٌ وثلاثون من المهاجرين، وسبعةٌ وستُّون من الأنصار، وكان النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "أنا النبيُّ لا كذب، أنا ابن عبد المطلب" (١)، وهذا غايةُ شجاعته حيث لم يُخْفِ (٢) اسمه في تلك الحالة، ولم يَخَفِ الكفار على نفسه.

وكان عثمان وعليٌّ وأبو دجانةَ وأيمنُ بن عبيدٍ رضي اللَّه عنهم يقاتلون بين يدي النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكرَّت الأنصار ووقفت هوازنُ قَدْرَ حَلَبِ ناقةٍ ثم كانت الهزيمة، وكان سعد بن عبادة يصيح بالخزرج، وأُسيد بن حضيرٍ بالأوس، فثابوا -أي: رجعوا (٣) - من كل ناحيةٍ كأنهم النحل قد أشرعوا في قتل الذرية، فنهاهم عن ذلك.

قال أنس: وتقدَّم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بحَرْبته أمام الناس، وهزمهم اللَّه تعالى، وأمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يُقتل كلُّ مَن قُدر عليه ففعلوا، وبعث أبا عامرٍ (٤) الأشعريَّ في آثار مَن توجَّه إلى أوطاسٍ وعقَد له اللواء، فقتَل منهم كثيرًا ثم استُشهد (٥)، وغنموا كلَّ أموالهم.

وأمر النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالغنائم فجُمعت، ونادى مناديهِ: مَن كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فلا يَغُلَّ، وردَّ عقيل بن أبي طالب إبرةً كان أخذها (٦).


(١) رواه البخاري (٢٨٦٤)، ومسلم (١٧٧٦)، من حديث البراء رضي اللَّه عنه.
(٢) في (ر): "يمح".
(٣) "أي: رجعوا" من (ف).
(٤) في (ف) و (أ): "عامر".
(٥) في (ف): "استشهد".
(٦) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٤٧٧) عن زيد بن أَسلمَ قال: جاء عَقِيلُ بن أبي طالب بمِخْيَطٍ، فقال =