للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أربعةُ آلاف قد جرَّدوا سيوفهم وكسروا غمودها (١) -وقيل: أحرَقوها- فانكشفت (٢) أولُ الخيول مولِّيةً، وتبعهم الناس مولِّين منهزِمين لا يلوون على شيء، فالتفت النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن يمينه ويساره والناسُ منهزمون وقال: "يا أنصار اللَّه وأنصارَ رسوله، أنا عبد اللَّه ورسوله" ولم يكن مع النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا العباسُ بنُ عبد المطلب وهو آخذٌ بلجام بغلةِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأبو سفيان بنُ الحارث بن عبد المطلب آخذٌ بثَفَر (٣) بغلة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان العباس صيِّتًا، فقال له عليه السلام: "اصرخ: يا معشر الأنصار، يا أصحاب السَّمُرة، يا أصحاب الشجرة، يا أصحاب سورة البقرة"، فأقبلوا كأنهم الإبل إذا حنَّت (٤) إلى أولادها، يقولون (٥): الكرَّةُ بعد الفرَّة (٦)، قد أشرعوا الرماح -قال العباس رضي اللَّه عنه: حتى إني لأخاف على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رماحَهم أشدَّ من خوف رماح المشركين- يؤمُّون الصوت يقولون: لبيك لبيك، فلما اختلطوا واجتلدوا ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قائمٌ على بغلته البيضاء يقول: "أَنْشُدُك وعدك، لا ينبغي لهم أن يظهروا"، ثم قال للعباس: "ناولني حصياتٍ (٧) "، فناوله حصياتٍ من الأرض ثم قال: "شاهت الوجوه"، ورمى بها وجوهَ المشركين وقال: "انهزَموا وربِّ الكعبة" (٨)، وأَخبروا بعد ذلك أنه لم يبقَ منهم أحد إلا أمتلأتْ عيناه من التراب.


(١) في (ر): "غمودهم"، وفي (ف): "أغمادها".
(٢) في (ف): "فانكسرت"، والمثبت من (أ) و (ر) و"المغازي".
(٣) الثفر بالتحريك: السير فى مؤخر السرج. انظر: "القاموس" (مادة: ثفر).
(٤) في (أ): "أخنت" والمثبت من (ف) و (ر) و"المغازي".
(٥) في (ر) و (ف): "وهم يقولون"، والمثبت من (أ) و"المغازي".
(٦) في (أ): "الفر". وفي (ر): "النفرة"، والمثبت من (ف) و"المغازي".
(٧) في (ر) و (ف): "ناولني حصاة من الأرض"، والمثبت من (أ) و"المغازي".
(٨) روى نحوه مسلم (١٧٧٥) و (١٧٧٧)، من حديث ابن عباس وسلمة بن الأكوع رضي اللَّه عنهم.