للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سمعي وبصري، فقلتُ: أشهدُ أنك رسولُ اللَّه، وأن اللَّه أَطْلعك على ما في نفسي (١).

ولمَّا انهزموا أتَوا أوطاس وبها أموالُهم وعمالُهم، وبعث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على إثرهم فقتلوا منهم مقتلةً عظيمة، وهرب أميرهم مالك بن عوف فأتى الطائف وتحصَّن بها وأخذ ماله وأهله فيمَن أخذ، وحاصروهم بقية الشهر، فلمَّا دخل ذو القعدة وهو شهر حرام لا يحلُّ به القتال انصرف عنهم فأتى الجِعْرانة وأَحرم منها بعمرة، وقسَّم بها السبيَ والمال، وكانوا أصابوا يومئذ ستة آلاف سبي، ثم جاء قومهم وأسلموا وقالوا: في السَّبي عماتُك وخالاتك، ولو كنَّا (٢) أرضعنا النعمانَ بن المنذر لكنَّا نرجو عائدته اليوم، وأنت خيرُ الناس وأبرُّهم وأرحمُهم وأوصلُهم للرحم، فقال عليه السلام: "أيما أحبُّ إليكم أنسابكم أو أموالكم؟ " فقالوا: أنسابنا، فقام عليه السلام خطيبًا وقال: "إن هؤلاء جاؤونا مسلمين، وقد خيَّرناهم فاختاروا أنسابهم، فمَن كان بيده شيء وطابت نفسه أن يَردَّ فشأنُه، ومَن لا تَطِبْ نفسُه (٣) فليُعطنا وليكن قرضًا علينا حتى نُصيب شيئًا فنعطيَه مكانه"، فقالوا: رضينا وسلَّمنا، فردُّوا (٤).

وأُخذ أميرهم (٥) مالك بن عوف فأُتي به النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال له: "ما تريد، أقتلك أم أفاديكَ أم أمُنُّ عليك أم تُسلِم؟ " فقال: أما الإسلام فلا أُسلم أبدًا، وأما القتل فإن قتَلْتَني قتلتَ عظيمًا، فإن مننتَ عليَّ فأعتَقْتَني مننتَ على عظيم، فقال: "أمنُّ عليك


(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٢٤)، والبغوي في "تفسيره" (٤/ ٢٨).
(٢) في (ف) و (أ): "أنا".
(٣) "تطب نفسه" من (ف).
(٤) رواه بنحوه البخاري (٤٣١٨ - ٤٣١٩)، والإمام أحمد في "المسند" (١٨٩١٤)، من حديث مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة رضي اللَّه عنهما. وبنحوه أيضًا رواه النسائي (٣٦٨٨)، والإمام أحمد في "المسند" (٦٧٢٩) و (٧٠٣٧)، من حديث عبد اللَّه بن عمرو رضي اللَّه عنهما.
(٥) في (أ): "منهم".