للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأطلقُك ففعل فقال: تعجبتُ من حُسن خُلقك (١)، ولا يكون هذا إلا من نبيٍّ حقٍّ، فأسلم وحسُن إسلامه (٢).

وقسَّم بالجعرانة غنائمَ حنينٍ، وتألَّفَ أناسًا منهم أبو سفيان بنُ حرب والحارث ابن هشام وسهيل بن عمرو والأقرع بن حابس، فقالت الأنصار: أَمِن الرجل وآثَرَ قومه، فبلغ ذلك رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو في قبةِ أدَمٍ، فقال: "يا معاشر الأنصار، ما هذا الذي بلغني عنكم، ألم تكونوا ضلَّالًا فهداكم اللَّه، ألم تكونوا أذلةً فأعزَّكم اللَّه، ألم ألم فقال سعد بن عبادة: ائذن لي أتكلم، فقال: "تكلَّم فقال: أمَّا قولك: كنتم ضلَّالًا فهداكم اللَّه، فكنَّا كذلك، وأما قولك: كنتم أذلةً فأعزكم اللَّه، فقد علمَتِ العرب أنه ما كان حيٌّ من أحياء العرب أمنعَ لِمَا وراءَ ظهورهم منَّا، فقال عمر: يا سعد، أتدري مَن تكلِّم؟ فقال: يا عمر، أكلِّم رسول اللَّه، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده لو سلكتِ الأنصار واديًا والناسُ واديًا لسلكتُ واديَ الأنصار، ولولا الهجرةُ لكنت امرءًا من الأنصار" ثم قال: "يا معشر الأنصار، أمَا ترضَون أن ينقلبَ الناس بالإبل والشاة وتنقلبون أنتم برسولِ اللَّه إلى بيوتكم؟ " فقالت الأنصار: رضينا باللَّه ورسوله، ما قلنا ذلك إلا ضنًّا باللَّه ورسوله، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه ورسوله يصدِّقانكم ويَعذرانكم" (٣).

فلما قدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المدينة قام خطيبًا فقال: "أما إن خطيب الأنصار لو


(١) في (أ): "تخلقك".
(٢) انظر قصة إسلام مالك بن عوف في "السيرة النبوية" (٢/ ٤٩١)، و"طبقات ابن سعد" (١/ ٣١٢)، عن محمد بن سلام الجمحي، وفي "دلائل النبوة" للبيهقي (٥/ ١٩٣) عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير، وفيه أنه أعطاه مئة من الإبل واستعمله على من أسلم من قومه.
(٣) قطعة من خبر رواه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٢٨٧ - ٢٨٩) عن قتادة، وإسناده ضعيف لإرساله.