للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: كنت طريدًا فآويناك، وكنت خائفًا فأمنَّاك، وكنت مخذولًا فنصرناك، وكنت وكنت، لكان قد صدَق"، فبكت الأنصار وقالت: يد اللَّه أعظم علينا مَنًّا (١).

وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: المنصور مِن اللَّه مَن عصمه عن التوهُّمات، ولم يَكِلْه إلى تدبيره في الأمور، بل أقامه مقام الافتقار متبرِّئًا من الحول والقوة، متحقِّقًا بتصاريف القدرة، ولمَّا أعجبتهم كثرتُهم تفرق عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحال أكثر الأصحاب، وكُشف عن القوم جلابيب السر، واضطربت القلوب، وخانت القوى أصحابها فلم تُغْنِ عنهم كثرتهم، فاستخلص اللَّه أسرارهم بصدق الرجوع إليه، فأنزل سكينته عليهم وقلَب الأمر على الأعداء، وخفَقت رايات النصرة (٢)، ووقعت الدَّبْرة على الأعداء فانقلبوا صاغرِين (٣).

* * *

(٢٦) - {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ}.

قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ}: أي: الرحمةَ التي (٤) يسكن إليها القلب.

وقيل: هي الأَمَنة والطمأنينة.

وقيل: هي زوال الاضطراب الذي يعتري القلب، وثبات القلب للحرب.


(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٢٥).
(٢) في (ف) و (أ): "وحققت آيات النصر".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ١٨ - ١٩).
(٤) "التي" ليس في (أ) و (ف).